تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ملامح الأعمال الفنيّة السياسيّة: انتقاد الإخوان والتّعاطف مع الشرطة

El_Gezeira_film.jpg

القاهرة - بعد طرح الجزء الثاني من فيلم "الجزيرة" في صالات العرض السينمائيّة في مصر وما حقّقه من نجاح جماهيريّ، تستدعي تجربته الإجابة عن تساؤلات حول تأثير الأحداث السياسيّة في مصر على الفنون وتأثير الفنون على الرأي العام سياسيّاً، حيث حمل "الجزيرة 2" إسقاطات سياسيّة خلال الفترة الممتدّة ما بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو.

ويروي الفيلم في الجزء الأوّل الذي عرض في عام 2007 قصّة منصور الحفني (أحد أشهر تجّار المخدرات والأسلحة في الصعيد، والذي يحكم قرية الجزيرة)، وعقده صفقة مع الأجهزة الأمنيّة للسماح له بتصفية منافسيه، مقابل مساعدته الأجهزة الأمنيّة في تصفية العناصر الإرهابيّة المتطرّفة في فترة التسعينيّات. ومع انتهاء موجة الإرهاب، تضطرب علاقته مع الأجهزة الأمنيّة، التي تقرّر خوض معركة دامية للقبض عليه وإنهاء حكمه للجزيرة.

ويروي الجزء الثاني الذي يعرض حاليّاً، قصّة هرب الحفني من السجن بعد اقتحام السجون في (28 يناير2011)، ومحاولته السيطرة على الجزيرة مجدّداً. ويحمل الفيلم إسقاطات سياسيّة من خلال ثورة أهالي الجزيرة التي يقودها منصور الحفني في إشارة إلى ثورة 25 يناير، ومن خلال العائلات التي تحكم الجزيرة قبل ثورة الأهالي، في إشارة إلى نظام مبارك، وأخيراً من خلال جماعة الرحالة (جماعة دينيّة متطرّفة تسعى إلى حكم الجزيرة) في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وينتهي الفيلم باتّحاد كلّ القوى المتصارعة لإنهاء حكم الرحالة للجزيرة في إشارة إلى ثورة 30 يونيو.

وفيما أشار النّاقد الفنيّ نادر عادلي في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ الفيلم ربّما لا يحمل هذه المعاني، ويمكن رؤية الإسقاطات من زوايا مختلفة، منها أن يكون المقصود بجماعة الرحالة تنظيم "داعش"، وقال: "قد تكون للإسقاطات معاني أخرى لا ندركها حاليّاً".

وقال النّاقد السينمائيّ طارق الشناوي لـ"المونيتور": "إنّ البداية الحقيقيّة لانتقاد التيّارات الدينيّة بدأت في فترة الثمانينيّات، واشتدّت في التسعينيّات في فلمي "طيور الظلام" و"الإرهابيّ وغيرهما. ثمّ بلغت أشدّها مع مسلسل "الجماعة" الذي انتقد الجماعة منذ تأسيسها وحتّى عهد مبارك".

أضاف: "لقد ازدادت في العامين الماضيين الأعمال الفنيّة التي تنتقد التيّارات الدينيّة، متمثّلة في مسلسلات "الداعية"، "تفّاحة آدم"، "وعد تنازليّ". وأخيراً، فيلم "الجزيرة 2".

وتابع الشناوي: "من الصعب التحدّث عن الفترة الممتدّة بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو حاليّاً، لأنّ هناك حقائق سياسيّة عدّة لم تتكشّف حتّى الآن. وممّا لا شكّ فيه أنّ فيلم "الجزيرة 2" وأعمالاً أخرى حملت انتقادات واضحة لثورة 25 يناير تتمثّل في فتح السجون، لكن لا يمكن القول إنّ أصحاب هذه الأعمال يعادون الثورة، وما يقدّمونه مجرّد انتقادات لا تصل إلى العداء".

من جهته، قال عادلي: "لا يجب الحجر على الفنّانين لمنعهم من تقديم أفلام عن فترة السنوات الثلاث الماضية، لأنّ الوسط الفنيّ كأيّ وسط آخر تأثّر بحال الزخم منذ 2011 وحتّى الآن، ولا يمكن القول إنّ فيلم الجزيرة 2 يحمل موقفاً واضحاً من ثورة 25 يناير".

أمّا المخرج عزّ الدين دويدار فقال لـ"المونيتور": "إنّ الأعمال الفنيّة في العامين الماضيين تحمل تشويهاً لواقع ثورة 25 يناير وفترة حكم الإخوان وتمجيداً لانقلاب 30 يونيو ومحاولات لخلق تعاطف مع الأجهزة الأمنيّة".

وتابع دويدار: "لقد حاول صنّاع السينما والدراما منذ عهد عبد الناصر وحتّى عهد مبارك تمجيد رجل الأمن بألاّ تحمل الأعمال الفنيّة أيّ انتقاد له. وبعد نمو وعي المشاهد نسبيّاً بعد ثورة 25 يناير، يحاول صنّاع السينما والدراما خلق تعاطف مع رجل الأمن بنوع من الحبكة عن طريق تقديم شخصيّات فاسدة في أجهزة الأمن يتصدّى لهم ضبّاط شرفاء ينجحون في تطهير الأجهزة الأمنيّة في النهاية".

من جهته، قال الشناوي: إنّ العديد من الأعمال الفنيّة وآخرها "الجزيرة 2"، تحاول خلق حال تعاطف مع شخصيّة ضابط الشرطة.

أمّا عادلي فرأى أنّ الأعمال الفنيّة حاليّاً تحاول تقديم الجانب الإنسانيّ في رجل الشرطة، كما تقدّم جوانب سلبيّة فيه، وهذا أمر طبيعيّ في التجسيد المتّزن للشخصيّة.

وقال الشناوي: "إنّ الوسط الفنيّ يحاول تقديم ما تريده السلطة دائماً، تجنّباً للاصطدام بها عن طريق أجهزة الرقابة، وإبراز مساوئ حكم الإخوان وإعادة التّعاطف مع رجال الشرطة، هذا ما تريده السلطة حاليّاً".

ولفت دويدار إلى أنّ "الإنتاج الفنيّ تحتكره شركات وقنوات فضائيّة يؤيّد ملاّكها انقلاب 30 يونيو والأجهزة الأمنيّة لتوافقهم معها فكريّاً وسياسيّاً أو لخوفهم من الاصطدام بها ومنع أعمالهم من العرض، وأحياناً قد تتدخّل الدولة في تعديل أعمال فنيّة بالحذف أو الإضافة لتخدم تلك الأعمال مصالحها".

وأشار عادلي إلى "أنّ الأعمال الفنيّة سواء أكانت تنتقد ثورة 25 يناير أو الإخوان أم تحاول خلق تعاطف مع أجهزة الأمن، ستظهر أمامها أعمالاً تطرح رؤى مختلفة لأنّه لا يوجد حجر على حريّة الإبداع".

وقال الشناوي: "إنّ الرؤية السياسيّة لأيّ عمل فنيّ ليست الحكم عليه، لأنّ ما يتحكّم في تأثير العمل الفنيّ هو قيمته الفنيّة، فبعض الأعمال الفنيّة انتقدت الإخوان ولم تنجح، و"الجزيرة 2" انتقد الإخوان وحقّق نجاحاً ملحوظاً لأنّه يحمل مقوّمات العمل الفنيّ الجيد بعيداً من أيّ رؤية سياسيّة".

وبدوره، أشار عادلي إلى أنّ "الأفلام السياسيّة ذات طبيعة جدليّة، وتتغيّر آراء الجمهور حولها باختلاف الظرف السياسيّ، إلاّ أنّ حال الجدل حولها لا تعني الفشل، بل تعني أنّها تحمل رؤية قد تتّفق معها أو تختلف باختلاف وعيك وإدراكك للحياة السياسيّة".

أمّا دويدار فأشار إلى أنّ "تأثير الأعمال الفنيّة السياسيّة التي تحاول تشويه الواقع وتزويره محدود، وينحصر في الفئات التي لا موقف سياسيّاً محدّداً وثابتاً لها. وبالنّسبة إلى مؤيّدي الانقلاب أو معارضيه فلن يكون لتلك الأعمال تأثير عليهم"، وقال: "لا يجب تقديم الفترة من 25 يناير حتّى الآن، إلاّ بعد أن تتكشّف كلّ تفاصيل تلك الفترة، ويجب ألاّ يحتكر داعمو الانقلاب الإنتاج الفنيّ وإتاحة الفرصة لمعارضي الانقلاب في التّعبير عن رؤيتهم ليكون الحكم للجمهور".

ختاما، يمكن القول أن الأعمال الفنية في مصر ستتجه إلى انتقاد جماعة الإخوان بشراسة ومحاولة خلق التعاطف مع الشرطة، فيما تبقى مواقفها من ثورة 25 يناير غامضة، ويأتي ذلك إما لتوافق صناع السينما والدراما مع مواقف الدولة أو لخوفهم منها، إلا أن تأثير الأعمال الفنية السياسية سيظل متوقفا على جودتها الفنية في المقام الأول وليس على مضمونها السياسي.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial