اتّخذت قم والنجف منحيين مختلفين في التعاطي مع الشؤون السياسيّة العامّة في المجتمعات الشيعيّة منذ طرح فكرة ولاية الفقيه. وعلى الرغم من طرح هذه الفكرة للمرّة الأولى في النجف على يدّ مؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، روح الله الخميني، لكنّها لم تواجه إقبالاً في تلك الحوزة. وأخيراً، استطاع الخميني أن يحقّق أمنيته في تطبيق ولاية الفقيه على أرض الواقع بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران، ممّا قد أدّى إلى ترويج هذه الفكرة في شكل واسع في حوزة قم الإيرانيّة.
وقد شكّلت فترة ما بعد 2003 تحديّاً كبيراً لكلّ من قم والنجف حيث ظهر التنافس بينهما في كيفيّة التعامل مع الشأن السياسيّ العراقيّ. فقد اتّجهت قم نحو توسيع نظرتها الدينيّة–السياسيّة القائمة في إيران على الوضع العراقيّ. ولكنّ النجف كانت ترى الوضع العراقيّ بعين مختلفة، حيث أنّ العراق يشهد تنوّعاً دينيّاً وعرقياًّ أوسع من إيران، وبالنتيجة لا يمكن تطبيق نظرة شيعيّة ضيّقة عليه.