باشرت هيئة التنسيق النقابيّة في الثامن من أيار/مايو الجاري إضرابها المفتوح ولمدّة سبعة أيام في دوائر القطاع العام كافة. وأعلنت يوم 14 أيار/مايو "يوم الانفجار الكبير". هكذا، رفضت هيئة التنسيق اقتراحات اللجنة البرلمانيّة الفرعيّة المعنيّة بإيجاد حل لمعضلة سلسلة الرتب والرواتب، وراحت تطالب "بانتصار كامل". فهي لم تقبل بمقترحات زيادة الأجور بنسبة تتراوح ما بين 30 و60%، وتصرّ على سلة مطالبها الأساسيّة والتي تشكل زيادة بنسبة 120% على الأجور الحاليّة. كذلك ترفض هيئة التنسيق مقترحات اللجنة بتمويل السلسلة المعدّلة عبر إجراءات ضريبيّة يبلغ مجموعها 1742.2 مليار ليرة لبنانيّة بحجة أن 60% منها تطال خدمات استهلاك الأسر وخدمات تعود لعموم المواطنين. وهكذا تكون اللجنة والطبقة السياسيّة الداعمة لها بنظر هيئة التنسيق، قد أطاحتا بمبدأ الدولة الراعية واستسلمتا لمصالح "حيتان المال". والمقصود هنا الشركات الكبرى والمصارف اللبنانيّة.
والواقع أنه في اقتراح اللجنة الفرعيّة وفي الرد عليها من قبل هيئة التنسيق الممثلة لحقوق العمال، فرصة ضائعة. الفريقان دخلا في ما يشبه حوار طرشان، يذكّر بالنقاشات العقيمة بين يمين ويسار والتي طبعت مرحلة تخطاها الزمن، تميّزت بأبعادها الإيديولوجيّة والتعبويّة أكثر من طابعها البراغماتي والإصلاحي. كان الحريّ بالفريقَين المتصارعَين أن يقفا جنباً إلى جنب في مواجهة الحكومة والمجلس النيابي للضغط باتجاه الإصلاحات الضروريّة التي تعود بالفائدة على شركاء الإنتاج مجتمعين، فتموّل السلسلة بالكامل لمستحقّيها ويحرّر القطاع الإنتاجي. فثمّة ما هو أخطر من "حيتان المال"، هذا إذا ما صدق التعبير. وهم "حيتان الهدر والفساد" المستشريان في الإدارة. هم الذين يأكلون ويشربون من الدم الحي، أي من القدرة الشرائيّة للمواطن والطاقة الإنتاجيّة للقطاع الخاص.