زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان إلى إيران مطلع هذا الأسبوع وحضوره مراسم تادية اليمين الدستورية للرئيس الإيراني حسن روحاني ملفتة على أكثر من صعيد. فالرجلان وإن فرقتهما المسافات واللغة إلا أن بعض أوجه الشبه بينهما تستدعي الإنتباه، خاصة لجهة الأسلوب الذي إتخذه كل من الرجلين لنفسه، والظروف المحيطة به كما والدور الملقى على عاتقه. فالرئيس الإيراني، أو "الرئيس المعتدل" كما يحلو لوسائل الإعلام أن تلقبه، جعل من الإعتدال خطاً تماهى معه حتى حمله إلى سدة الرئاسة بدعم وزخم شعبيين حملا أكثر من دلالة حول حيوية المجتع الإيراني ورغبته في الإصلاح. كما وشكل وصوله إلى سدة الرئاسة زلزالاً حقيقياً ليس فقط بسبب النتيجة التي حققها ومنذ الدورة الاولى لعملية الإقتراع، وإنما للفارق الشاسع في النتيجة بينه وبين باقي المرشحين لا سيما المرشحين المحسوبين على الحرس الثوري واللذين توليا قيادته العسكرية : محمد رضائي ومحمد غاليباف.
أما الرئيس اللبناني حمله الإعتدال أيضاً إلى الموقع الأول في الجمهورية اللبنانية بعدما تعمق الخلاف ما بين فريقي 14 و 8 آذار حتى بات من المتعذر التوافق على شخصية أخرى لقيادة البلاد. وقد طور الرئيس سليمان مبدأ الإعتدال وجعل منه قاعدة لسياسته في الداخل كما في الخارج فحوله إلى عقيدة أضحت عنواناً لعهده، أطلق عليها اسم الحياد إيجابي، توجّها ب"إعلان بعبدا"، وثيقة إتخذت طابعاً ميثاقياً بعد ما نالت موافقة كافة الأفرقاء السياسية المتصارعة على الساحة الداخلية. والمقصود بالحياد الإيجابي هو تجنيب لبنان أعباء الصراعات الإقليمية بعد ما إمتددت نيرانها إلى داخله وراحت تهدد نسيجه الإجتماعي بالتفتت وذلك في ظل تنامي الحروب المذهبية والصراع السني الشيعي على وجه التحديد. أما الوجه الإيجابي لهذا الحياد فيقضي بإلتزام القضايا المحقة ولكن من غير أن يفضي ذلك إلى الإنزلاق نحو المواقف التصعيدية أو الصراعات العسكرية التي تفوق قدرة البلد الصغير على التحمل لا بل تتناقض ورسالته التاريخية.