تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

المنطقة الآمنة... ضربة استباقيّة لـ"داعش"

سيطر "داعش" على خمسة بلدات في ريف حلب الشماليّ، خلال هجوم واسع له على قوّات المعارضة استخدم خلاله الغازات السامّة وثمان عربات مفخّخة، كضربة استباقيّة له لإفشال مشروع المنطقة الآمنة.
A rebel fighter of al-Jabha al-Shamiya (the Shamiya Front) fires his weapon at the frontline against Islamic State fighters on the outskirts of Mare town, north of Aleppo March 24, 2015. REUTERS/Sultan Kitaz - RTR4UP7W

حلب، سوريا – يشنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة "داعش" هجمات واسعة على مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشماليّ، منذ بدء الحديث في 5 آب/أغسطس عن اتّجاه تركيا والتحالف الدوليّ الذي تقوده الولايات المتّحدة الأميركيّة إلى التعاون مع قوّات المعارضة بهدف إنشاء "منطقة آمنة"، تمتدّ قرب الحدود السوريّة-التركيّة من مدينة جرابلس شرقاً إلى جنوب مدينة مارع. وتكون هذه المنطقة خالية من "داعش" ونظام بشّار الأسد ومقاتلي حزب الاتّحاد الديمقراطيّ الكرديّ PYD على حدّ سواء.

بدأت الهجمات الأحد في 9 آب/أغسطس، عقب أربعة أيّام فقط من إعلان وزير الخارجيّة التركيّ مولود تشاووش أوغلو، عن معركة شاملة ستشنّها بلاده ضدّ "داعش" بدعم من التحالف الدوليّ بقيادة الولايات المتّحدة الأميركيّة.

إنّ قيام المنطقة الآمنة في حال حدوثه، يعني إنهاء وجود التنظيم من ريف حلب الشماليّ ومن معاقل مهمّة له مثل الباب ومنبج في ريف حلب الشرقي. لذلك يسعى "داعش" إلى خلط الأوراق وعرقلة قيام منطقة آمنة على أرض سيطرته. وقالت وكالة "أعماق" التابعة إلى "داعش" في 11 آب/أغسطس إنّ مقاتلي التنظيم صعّدوا من هجماتهم ضدّ المعارضة شمال حلب، بعد إعلان أنقرة حرباً شاملة وقريبة ضدّ "داعش"، تهدف إلى إنشاء منطقة آمنة تكون قوّات المعارضة الحارس لها على الأرض، بحسب الوكالة.

كانت أولى هجمات "داعش" على قرية "أمّ حوش" (7 كلم جنوب مدينة مارع) وتمكّنت من السيطرة عليها في 9 آب/أغسطس، بعد استهدافها بعربة مفخّخة مقرّ عمليّات المعارضة في القرية، ممّا أدّى إلى مقتل 38 عنصراً من المعارضة، كما سيطر "داعش" في 14 آب/أغسطس على قرية تلالين (4 كلم شمال مارع). أمّا أوسع هجوم له كان في 27 آب/أغسطس حيث تمكّن من السيطرة على قريتي دلحة وحرجلة قرب الحدود التركيّة، وعلى بلدة حربل (5 كلم جنوب غرب مارع) في حين استعادت المعارضة قرية سندف (4 كلم شمال غرب مارع) بعد ساعات من سيطرة "داعش" عليها.

يتّبع "داعش" استراتيجيّة ثابتة تتمثّل في الهجوم على القرى الصغيرة والاستحواذ عليها، من ثمّ الانقضاض على البلدات والمدن الأكبر بعد تضييق الخناق عليها ومحاصرتها. وتتمحور معظم هجمات "داعش" الأخيرة على مدينة مارع، المعقل الأكبر للمعارضة في المنطقة، والتي باتت محاصرة من ثلاث جهّات، لكنّ "داعش" واجه مقاومة شرسة في هجومه على المدينة في 27 آب/أغسطس، حيث قتل حوالى 50 من عناصره في هذا الهجوم.

في مقابل ذلك، إنّ المناطق التي يسيطر عليها "داعش" ويتثبّت فيها لأيّام عدّة، لا تتمكّن المعارضة من استعادتها بسهولة. ففي 28 آب/أغسطس، شنّت المعارضة هجوماً كبيراً على قرية تلالين بهدف استعادتها، وقتل للمعارضة خلال هذا الهجوم 19 عنصراً نشر "داعش" في اليوم التالي صوراً مروعة لهم، من دون أن تتمكّن المعارضة من استعادة ما خسرته. ، وفي 28 آب/أغسطس أيضاً شنّت المعارضة هجوماً على بلدة حربل من دون أن تتمكّن كذلك من استعادتها.

ويضع "داعش" كلّ ثقله في هذه المعركة، حيث أحصى "المونيتور" تفجير "داعش" ثماني سيّارات مفخّخة في ريف حلب الشمالي خلال آب/أغسطس فقط، كما استخدم الغازات السامّة في قصف مدينة مارع، في 21 آب/أغسطس، سعياً منه إلى التقدّم في المدينة.

هذا ما يوحي بإصرار "داعش" على التقدّم في ريف حلب الشماليّ مهما كانت التكاليف، وعدا هدفه في إفشال مشروع المنطقة الآمنة، فثمّة ثأر قديم بين "داعش" ومقاتلي المعارضة في ريف حلب الشماليّ، حيث قتلت قوّات المعارضة في كانون الثاني/يناير 2014 في مدينة تلّ رفعت الرجل الثاني في "داعش" حجّي بكر، والذي يوصف بأنّه العقل المدبّر للتنظيم.

كان هناك قلّة من المدنيّين في مدينة مارع عندما دخلها "المونيتور" في 23 آب/أغسطس، وعلى الرغم من مرور يومين على قصفها بقذائف تحوي موادّاً سامّة، إلّا أنّ رائحة الغاز وهي أشبه برائحة العفن كانت واضحة بالقرب من الأماكن التي سقطت فيها القذائف.

في المشفى الميدانيّ في المدينة، قابلنا مدير المشفى طارق نجّار الذي قال لـ"المونيتور": "وصلتنا حتّى الآن أكثر من حوالى 15 حالة إصابة بالمواد السامّة". وأضاف: "معظم المصابين كانوا يعانون من تقرّحات في الجلد وإحمرار في العينين (..) أجرينا لهم الإسعافات الأوّليّة ومن ثمّ نقلوا إلى المشافي التركيّة".

يشعر مقاتلو المعارضة أنّ تركيا وضعتهم في مأزق وفتحت عليهم "عشّ الدبابير" أي "داعش"، من خلال تصريحاتها الناريّة عن المنطقة الآمنة. "تريد تركيا تنفيذ أجنداتها على حساب دمائنا"، يقول أحد مقاتلي المعارضة المحلّيّين لـ"المونيتور" عندما التقينا به في مارع، ويتساءل: "أين طائرات التحالف التي من المفترض أن تدعمنا"؟

خسرت المعارضة حليفاً قويّاً لها على جبهات القتال مع "داعش"، هو جبهة النصرة، عندما ضغطت المعارضة على جبهة النصرة للانسحاب من ريف حلب الشماليّ، رضوخاً عند شروط الولايات المتّحدة الأميركيّة لقيام المنطقة الآمنة. إلّا أنّه في مقابل ذلك، ما زالت غارات التحالف الدوليّ على خطّ تماس المعارضة مع "داعش" خجولة ومحدودة جدّاً، الأمر الذي يفسّر التقدّم الكبير الذي يحرزه "داعش".

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in