تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الضربة العسكريّة لسوريا.. ماذا بشأن اليوم التالي؟!

A man reacts as he sits in rubble at a site hit on Friday by what activists said was a Scud missile in Aleppo's Ard al-Hamra neighbourhood, February 23, 2013. Rockets struck eastern districts of Aleppo, Syria's biggest city, on Friday, killing at least 29 people and trapping a family of 10 in the ruins of their home, activists in the city said. REUTERS/Muzaffar Salman (SYRIA - Tags: POLITICS CIVIL UNREST) - RTR3E62Q
اقرأ في 

في حين يترقّب العالم ضربة عسكريّة غربيّة محتملة لسوريا، يقضّ سؤال مضاجع اللبنانيّين وسائر شعوب المشرق العربي وهو: ما هي آثار ضربة من هذا النوع إذا ما تمّت، على مستقبلهم ومستقبل أولادهم؟ الإجابة بالطبع تتوقّف على أهداف الضربة وحجمها، وأيضاً على نجاحها. والنجاح يقاس ليس فقط بمدى تحقيقها لأهدافها العسكريّة بأقلّ حدّ ممكن من الأضرار، ولكن بمدى تأسيسها لتسوية ولإستقرار مستدامَين. فقد أصبح معروفاً أن الدوافع ولنقل المسوغّات الأساسيّة لأي ضربة عسكريّة، هي معاقبة النظام لاستخدامه السلاح الكيماوي وعدم السماح بخرق عرف دولي قائم منذ الحرب العالميّة الأولى من دون عقاب. ولكن أياً تكن الدوافع المعلنة وغير المعلنة، يبقى أن لهذه الضربة مفاعيل على أرض الواقع. ونجاحها ومشروعيّتها، أي قبول أو رفض العالم لها، يتوقّفان على ما سوف تؤول إليه. وهذا بدوره يتوقّف، وهنا بيت القصيد، على وجود رؤية لا بل خطّة لليوم التالي أي لمرحلة ما بعد الضربة، خطّة تقود إلى مزيد من الإستقرار لا بل إلى مزيد من الفوضى والاقتتال كما حدث في العراق في المراحل الأولى التي تلت غزو العام 2003. ولعلّ غياب رؤية من هذا النوع هو السبب الرئيسي لتردّد المجموعة الدوليّة وانقسامها حتى في داخل المعسكر الواحد، حول الخيار العسكري. وما تصويت مجلس العموم البريطاني ضدّ خيار حكومة دايفيد كاميرون، وكذلك قرار الرئيس باراك أوباما بالعزوف عن ممارسات صلاحيات يمنحها له الدستور وطلب موافقة الكونغرس المسبقة للعمل العسكري ضدّ النظام السوري، سوى دليلَين دامغين على ذلك.

فإذا اقتصرت الضربة على قصف مدفعي أو صاروخي لا يغيّر شيئاً في موازين القوى على شاكلة استعراض للقوّة تماماً كما حصل في العام 1983 حينما قامت البارجة "نيو جيرسي" التابعة للأسطول الأميركي السادس بقصف الضاحية الجنوبيّة لبيروت ومواقع أخرى في الجبال اللبنانيّة، فستكون النتائج كارثيّة على الإدارة الأميركيّة والفريق المتحالف معها. وما زال عالقاً في الأذهان الفشل المدوّي لأداء المدمّرة الأميركيّة التي لقّبت منذ ذلك الحين من قبل العامة بـ"النيوجرصا"، وأصبحت مدعاة للسخرية والتهكّم. إن أنصاف الخطوات والعروضات العسكريّة قد تلبّي حاجات ظرفيّة أو قد تؤمّن مخارج للفريق الحاكم أمام الرأي العام، لكنها تأتي على حساب مصاف دولها ودورها ولمصلحة القوّة المناهضة لها. فـ"ضربة تجميليّة" بحسب ما يحلو للسناتور الأميركي جون ماكين تسميتها، سوف تعزّز نظام الأسد وتشجّعه على المضي بخياراته العسكريّة وذلك على قاعدة المثل الشعبي القائل "الضربة التي لا تقضي عليك تزيدك قوّة". كذلك فإن هذه "الضربة التجميليّة" قد تسمح لحزب الله المتحالف مع نظام الأسد بتكرار سيناريو الانتصار في حرب 2006، والذي كان أولاً نتيجة لإخفاق خصمه إسرائيل في عمليّتها العسكريّة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النتيجة قد تكون نفسها في حال لم تحصل الضربة واتّضح للنظام الأسدي والقوى الداعمة له وحتى لبقيّة دول العالم التي تناهض نفوذ ودور الولايات المتّحدة أو حتى الدول الصديقة، أن الجبل لم يتمخّض إلا ليلد فأراً وأن كلّ هذا الحشد الإعلامي والعسكري لم يفضِ إلى شيء سوى إلى تكريس تناقضات الغرب وتراجعه أمام الأزمات الدوليّة وإلى تقصير قيادته في تجاوز مرحلة الشعارات الانتخابيّة وإلى عجزه عن صناعة خيارات تتعدّى نتائج استطلاعات الرأي.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.