كأنه لم يكن يكفي الاقتصاد اللبناني تأزماً بفعل غياب الإصلاحات الضروريّة ومقوّمات الدولة الفاعلة وتأثراً مباشراً بفعل الأزمة السوريّة، وكأنه لم يكن يكفي الاقتصاد العالمي تعثراً بفعل الآثار العميقة لأزمة 2008، فجاءت إرهاصات الربيع العربي لكي تزيد على المخاطر مخاطر وعلى التحديات الاقتصاديّة والماليّة تحديات سياسيّة. وها هي أزمة سوريا تضيف على المشهد القاتم ضبابيّة، فتدفع بأسواق النفط إلى مستويات لم تشهدها منذ فترة طويلة سيكون لها تداعياتها حتماً على فرص النمو إذا ما استمرّت الأمور بالمرواحة ولم تحسم الخيارات باتجاه معيّن أو بآخر. فليس أشدّ ضرراً على الاقتصاد سوى الفترات الرماديّة التي تدفع باتجاه التضخّم والركود.
للضربة العسكريّة المتوقّعة على سوريا آثارها البالغة على الاقتصادَين العالمي والعربي سواء حصلت أو لم تحصل، وبالطبع، يتفاوت وقعها ما بين الحالتَين. وفي ما يتعلّق بالخيار العسكري، فإنه ما زال قائماً على الرغم من استبعاد شبحه في المدى المنظور نتيجة ترحيل الملف برمّته إلى أروقة الأمم المتحدة التي تسعى جاهدة إلى استصدار قرار يوفّق ما بين الأضداد ويجتاز امتحان الفيتوات ويضع السلاح الكيماوي تحت رقابة دوليّة. فكلّ ما دار وما قيل، وكلّ ما عُرض على شاشات التلفزة حول احتمال قيام العمل العسكري مع ما رافق ذلك من توقّعات وتوقّعات مضادة، رفع ولو لحين مستويات المخاطر المرافقة على منطقة الشرق الأوسط صاحبة المخزون الاستراتجي الأوّل للنفط في العالم. وهنا بيت القصيد.