يعتقد رئيس الوزراء الأسبق، زعيم القائمة العراقية أياد علاوي، أن الاحتجاجات في المحافظات العراقية، ذات الغالبية السنية، لن تتوقف، ما لم تتقدم حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي باستقالتها، ليصار إلى تشكيل حكومة مصغرة، تنظم انتخابات عامة مبكرة، من دون أن يكون لأعضائها حق المشاركة فيها.
وأبلغ علاوي، "المونيتر"، خلال لقاء بمنزله في حي الحارثية الراقي ببغداد، مع عدد من الصحفيين العراقيين، أن "المالكي لم يستمع لنصائحنا له بشأن ضرورة الإصغاء لطلبات المتظاهرين ومحاولة تنفيذ الممكن منها"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء العراقي "ذهب باتجاه معاكس، فوصف المحتجين بالإرهابيين والبعثيين".
وعلاوي السياسي العلماني، ذي الأصول الشيعية، يتزعم قائمة يغلب على قياداتها ساسة ينتمون إلى الطائفة السنية. وكان شغل العام 2004 منصب رئيس الحكومة، في إطار اتفاق رعاه الجانب الأميركي.
وقال علاوي "أبلغنا المالكي بأن عليه أن يستمع للمتظاهرين ويحتويهم، لكنه بدلا عن ذلك وصفهم بالإرهابيين والبعثيين، ولم يكتف بذلك، بل هاجم ساحات التظاهرات بالسلاح".
ويرى علاوي أن التظاهرات لن تتوقف "ما دام المالكي في السلطة". وقال "على الحكومة أن تستقيل، ثم يصار إلى تشكيل حكومة مصغرة، تشرف على إجراء انتخابات مبكرة، دون أن يسمح لأعضائها بالمشاركة في هذه الانتخابات". وأضاف "ربما يكون المسار الثاني للحل هو العودة إلى اتفاق أربيل، وتحقيق الشراكة الناجزة".
وكان زعماء الكتل العراقية، عقدوا سلسلة اجتماعات في أربيل، خلال العام 2010، نتج عنها اتفاق تقاسم السلطة الذي تولى بموجبه المالكي رئاسة الحكومة، بينما اسند منصب رئيس الجمهورية إلى السياسي الكردي المخضرم جلال طالباني، في حين جرى تكليف علاوي برئاسة مجلس السياسيات، الذي كان من المفترض أن ينسق عملية اتخاذ القرارات الهامة في البلاد. لكن علاوي يقول إن المالكي تنصل من هذا الاتفاق بمجرد حصوله على تأييد البرلمان لولاية ثانية.
ولدى علاوي اعتقاد راسخ بأن إيران، الجارة الشرقية الشيعية للعراق، ترفض توليه رئاسة الحكومة مرة أخرى. ويقول إن "إيران مصرة على مصادرة القرار السياسي العراقي". وتحدث عن أنه زار الرئيس السوري بشار الأسد العام 2010، خلال مرحلة مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية. ويقول "أبلغني الأسد بالحرف الواحد، إن أيران لن تسمح لك بتولي رئاسة الوزراء في العراق، وإن أردت ذلك، فعليك أن تذهب إلى طهران وتتحدث مع المسؤولين هناك". وأضاف "رفضت الذهاب إلى إيران قطعا، لأنني لا أريد منصبا في العراق، تمنحني إياه دولة أخرى".
ونفى علاوي، أن يكون حلفاؤه في القائمة العراقية رفضوا توليه منصب رئيس الجمهورية، خلال مفاوضات تشكيل الحكومة في 2010. وقال "جميع قادة العراقية أبلغوني أنهم لا يمانعون أن أتولى هذا المنصب، لكنني رفضت، لأن ذلك سيستفز اخوتنا الكرد".
وكان علاوي يرد على سؤال لـ "المونيتر"، بشأن حقيقة الأنباء التي اشارت إلى أن المالكي اقترح عليه تولي منصب رئيس الجمهورية بصلاحيات قائد عام للقوات المسلحة.
وقال "عندما ذهبنا إلى أربيل لتوقيع الاتفاق الذي رعاه الأميركان، بغية الاتفاق على تشكيل الحكومة التي يقودها المالكي الآن، كنا نسعى إلى تحقيق الشراكة الحقيقية في إدارة البلاد". وتابع "وقعنا وثيقة، أنا والمالكي ومسعود بارزاني، تتضمن تعهدات تحقيق هذه الشراكة، وكان السفير الأميركي في العراق شاهدا على ذلك". ومضى يقول "بمجرد وصولنا إلى البرلمان لتحويل وثيقة الشراكة إلى واقع، انقلب علينا الشركاء".
وتساءل "أي شراكة هذه، ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي متهم بالارهاب ووزير المالية رافع العيساوي مطارد، والآلاف من أنصار القائمة العراقية مجتثون أو قابعون في السجون بتهم لا أساس لها".
وقال علاوي إنه اقترح على شركائه السنة العمل كمعارضين في البرلمان، وعدم المشاركة في حكومة المالكي، "لكنهم لم يقتنعوا لأن جماهيرهم تريد أن يكون لها تمثيل في الحكومة".
وقال علاوي إن لديه معلومات تشير إلى أن رئيس الوزراء العراقي يعتزم الضغط على مفوضية الانتخابات كي تؤجل إجراء الانتخابات التشريعية المقررة في مارس من العام القادم مدة 6 أشهر، كي يعالج الضرر الذي أصاب شعبيته، وكشفته الانتخابات المحلية الأخيرة.
ويرى علاوي أن نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة هي رسالة واضحة لائتلاف دولة القانون الذي يزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي "تتضمن غضبا شعبيا على أدائه".
ويعتقد زعيم القائمة العراقية أن المرحلة المقبلة ستفرز تحالفات سياسية جديدة. وأشاد بأداء التيار الذي يتزعمه رجل الدين الشاب مقتدى الصدر، كما أشاد بالتقدم الذي احرزه المجلس الشيعي الأعلى، بزعامة عمار الحكيم، في الانتخابات المحلية.
وبشأن لحظة اتخاذ قرار غزو العراق من قبل الولايات المتحدة، قال علاوي، إنه لم يكن مع هذا القرار منذ البداية، وحاول أن يقنع واشنطن بضرورة تبني سياسة مختلفة لتحقيق التغيير في العراق، تقوم على التواصل مع ضباط في الجيش العراقي وساسة من داخل البلاد، من أجل تحقيق التغيير. وقال "قلنا لهم، حتى اذا قررتم الغزو، فعليكم أن تزيحوا القشور، وتحافظوا على مؤسسات الدولة، لكن الذي حصل أنهم سرحوا الجيش وسمحوا باجتثاث البعثيين".