من المنطقي انتقاد الخبراء في الشؤون الدولية لفشلهم في توقع أي من الأحداث المصيرية التي جرت في العقود القليلة الماضية، فسقوط الشيوعية في أوروبا الشرقية، وانهيار الاتحاد السوفياتي، و"الربيع العربي" قد أخذت جميعها الخبراء على حين غرة. لكن في المقابل، يصح العكس في بعض الحالات حيث يحذر المتنبئون السياسيون بالإجماع من أمر معين لكن صناع القرار يصرفون النظر عنه ببساطة. والعراق يمثل تمامًا إحدى تلك الحالات.
في خريف العام 2002، وعندما اتضح أنّ حكومة جورج دبليو بوش كانت تضغط بغية التحرك عسكريًا ضد الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، برز إجماع فعلي في أوساط المستشرقين الروس، ففي ما عدا بعض الاستثناءات البسيطة، أكدوا بالإجماع على أنّ خطوة مماثلة ستسبب الفوضى وتقود في نهاية المطاف إلى زوال العراق كدولة موحدة.
قام الخبراء الروس في جميع المؤتمرات الدولية واللقاءات الشخصية بتحذير زملائهم الأميركيين من القيام بذلك، فوافق البعض منهم، وأومأ آخرون إشارة إلى درايتهم بالأمر، لكن لم يكونوا مقتنعين، في حين استهجن آخرون الأمر، بخاصة الذين يعملون مباشرة مع الحكومة الأميركية، وعلقوا قائلين، لا حاجة إلى تخويفنا، لا مفر من التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، هو فقط بحاجة إلى محفز.