يتحدث وزير النفط العراقي ثامر الغضبان في السادس عشر من آيار/مايو الحالي لمجموعة من الصحفيين في العاصمة بغداد حول تداعيات العقوبات الأميركية على التعاون العراقي الإيراني في مجال الغاز، ويؤكد لهم أن "بلاده تمتلك خطط طوارئ تحسباً لأي توقف في واردات الغاز الإيرانية لشبكة الكهرباء في البلاد"، لكنه لم يشر إلى البدائل التي يُمكن للعراق الإعتماد عليها في حال توقفت أو أوقفت بغداد إستيراد الغاز من طهران.
كان حديث الوزير يبعث تطمينات للداخل العراقي الذي يُبدي قلقه من صيف قد يشهد إنقطاعاً كبيراً في قطاع الطاقة، وهذا ما يُهدد حكومة عادل عبد المهدي بموجة تظاهرات كبيرة يُتوقع أن تنطلق في النصف الثاني من هذا العام نتيجة تردي واقع الكهرباء في البلاد.
وفي الرابع عشر من آيار/مايو الحالي أعلن مدير الشركة الوطنية الإيرانية للغاز، حسين منتظر تربتي، عن وجود زيادة مرتقبة للصادرات الغازية إلى العراق، ومن المتوقع أن تصل إلى 40 مليون متر مكعب يومياً خلال الفترة المقبلة، أي زيادة بنحو 12 مليون متر عما يستورده العراق حالياً.
ويضطر العراق حالياً إلى الإستيراد من إيران والحصول على إستثناءات أميركية من العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران، فليس هناك أي سبيل أمام بغداد غير الغاز الإيراني، لذا فإن الولايات المتحدة الأميركية تُعطي إستثناءات مستمرة للعراق في هذا الملف.
وفي السادس من آيار/مايو الحالي أعلن وزير الكهرباء العراقي لؤي الخطيب أن بلاده أبلغت الولايات المتحدة الأميركية بحاجتها إلى البقاء في إستمرار الغاز الإيراني.
قال المتحدث بإسم وزارة الكهرباء العراقية مصعب المدرس خلال مقابلة مع "المونيتور": إن "العراق يعتمد حالياً على تشغيل 2800 ميكاواط من الغاز الايراني، عبر إنبوبي ديالى والبصرة، من خلال إستيراد 28 مليون متر مكعب يومياً".
وأضاف: "مع بداية حزيران يونيو المقبل، فإن العراق سيضاعف إستيراده إلى 38 مليون مترب مكعب"، لكن المدرس أكد أن "هذا الإستيراد لا يتأثر بالعقوبات الأميركية، لأن العراق ملتزم بها ويتعامل مع إيران بالدينار العراقي وليس الدولار، وكل التحويلات المالية تتم عبر البنك المركزي العراقي وبشكل شفاف".
أن الولايات المتحدة الأميركية قد تُمدد الإستثناءات للعراق في إستيراد الغاز الإيراني، لكنها قد لا تسمح في زيادة الإستيراد بكميات تصل إلى ثلث ما يتم إستيراده حالياً، إلا أن بغداد تبقى قلقة من إحتمالية من تضرر قطاع الكهرباء في البلاد إذا ما توقف العراق من إستيراد الغاز من إيران، لذا تسعى جاهدة إلى كسب الإدارة الأميركية في الحصول على إستثناءات مستمرة من العقوبات التي تفرضها واشنطنن على طهران.
في الثاني والعشرين من نيسان/أبريل الماضي، قال القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود: إن "لإستثناءات الأميركية للعراق بخصوص إستيراد الغاز من إيران، لن تكون لأجل غير مسمى، بل هي منحة حتى يستطيع العراق الإعتماد على نفسه ويجد بدائل أخرى للغاز الإيراني".
وتؤكد لجنة الطاقة في مجلس النواب عبر النائب عدي عواد، حاجة العراق إلى الغاز الإيراني، الذي يعتمد عليه العراق بدرجة كبيرة، وفقاً لقول عواد الذي أشار أيضاً إلى أن "الخضوع للعقوبات الأمريكية على إيران وإيقاف استيراد الغاز الإيراني سيؤثر سلبيا على العراق".
لا يمتلك العراق أي خطوط ربط غازي مع أية دولة غير إيران، لكنه يعمل الآن على تطوير حقوله الغازية لسد إحتياجاته، ولديه الآن محطات قيد الإنشاء ستتكفل بمهام معالجة الغاز، ومن المتوقع أن ينتهي العمل منها خلال الـ18 - 24 شهراً المقبلة، إلا أنه لن يكون قادراً على تشغيل محطاته الكهربائية قبل هذا الموعد دون الإعتماد على الغاز المستورد.
وترى وزارة النفط العراقية أن العراق مستمراً في إستيراد الغاز الإيراني والكهرباء لحين تحقيق الإكتفاء الذاتي، لأن البدائل ليست "كافية"، لذا حاجة العراق للغاز الإيراني ضرورية، بحسب المتحدث بإسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد.
قال الخبير في مجال الطاقة والميتشار السابق في وزارة النفط حمزة الجواهري خلال مقابلة مع "المونيتور": "ليس للعراق شبكة ربط أنابيب مع دولة غير إيران، وليس لدينا لا مع السعودية ولا الكويت ولا الأردن، كما أن قطر تبعد مسافة ليست بالقليلة عن العراق، لذا مصدرنا الوحيد الآن في مجال الغاز، هو إيران".
وأضاف أن "الولايات المتحدة الأميركية تعرف جيداً ان العراق لا يمتلك أي بديل عن الغاز الإيراني، لذا لن تضغط عليه بخصوص هذا الملف، كما أن على الحكومة العراقية الإسراع بإنجاز المحطات التي بدأت بإنشائها من أجل تحقيق الإكتفاء الذاتي وعدم الإعتماد على إيران".
ومن المتوقع أن تضع الولايات المتحدة الأميركية شروطاً على العراق مقابل السماح له بتمديد إستيراد الغاز من إيران، منها، وضع سقف زمني لعملية الإستيراد، تقديم برنامج يتعلق بكيفية أستثمار الثروة الغازية في العراق، وهذا كله يأت من مخاوف أميركية من بقاء العراق معتمداً على إيران في مجال الطاقة، تحديداً الغاز.
ووفقاً لمعلومات نُشرت في وسائل الإعلام، فإن "العراق يمتلك مخزونا يقدر بنحو 131 تريليون قدم مكعب من الغاز، لكن كميات تصل إلى 700 مليون قدم مكعب يتم إحراقها يوميا نتيجة عدم الاستثمار الأمثل طيلة العقود الماضية".
بالمحصلة، فإن العراق أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يُسرّع عملية إنشاء محطات إنتاج الغاز لتوليد المحطات الكهربائية منها وضمان عدم إنقطاع الكهرباء، أو مد شبكات أخرى مع دول غير إيران لضمان عدم بقاء إعتماده على طهران.