حلب - تصاعدت وتيرة القصف من قبل قوّات النّظام السوريّ، التي تستهدف مدن ريف درعا الشرقيّ وبلداته خلال الـ24 ساعة الأخيرة. ومع استمرار العمليّات العسكريّة في ريف درعا، التي بدأت منذ منتصف حزيران/يونيو المنصرم، اضطرّ أكثر من 300 ألف شخص إلى النزوح باتّجاه الحدود السوريّة - الأردنيّة، وكذلك الحدود السوريّة - الإسرائيليّة مع استمرار الأردن وإسرائيل إغلاق حدودهما البريّة ومنعهما النازحين السوريّين الفارين من القصف من دخول أراضيهما، إلاّ في حالات خاصّة.
وقال المرصد السوريّ لحقوق الإنسان في تقرير صدر بـ2 تمّوز/يوليو الجاري: إنّ هناك مدناً وبلدات وقرى في محافظة درعا باتت خاوية من سكّانها، وإنّ 300 ألف نازح يفترشون العراء في المناطق الحدوديّة، فمنهم من توجّه إلى الحدود السوريّة – الأردنيّة، آملين في أن يتمّ السماح لهم بعبور الحدود، ومنهم من توجّه إلى مناطق "بريقة والعشّة" بالقرب من الحدود السوريّة – الإسرائيليّة، على أمل أن يتمّ السماح لهم بالعبور إلى الأراضي الإسرائيليّة أيضاً.
من جهته، قال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيليّ أفخاي أدرعي في 29 حزيران/يونيو الفائت في صفحته الرسميّة على موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك": إنّ عمليّة خاصّة للجيش الإسرائيليّ جرت في 4 مناطق لنقل مساعدات إنسانيّة مخصّصة للسوريّين الفارّين من جنوب سوريا، وذلك في الشقّ السوريّ من الجولان، وشملت المساعدات 300 خيمة و13 طنّاً من الموادّ الغذائيّة و3 أطنان من الغذاء المخصّص للأطفال، و30 طنّاً من الملابس والأحذية، إضافة إلى 3 منصّات نقّالة محمّلة بالموادّ الطبيّة والأدوية.
وأكّد أفخاي أدرعي أنّ جيش الدفاع الإسرائيليّ لن يسمح بعبور سوريّين إلى داخل إسرائيل، وسيواصل الوقوف على المصالح الأمنيّة لدولة إسرائيل.
وقال وزير الدفاع الإسرائيليّ أفيجدور ليبرمان في 29 حزيران/يونيو الفائت في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعيّ "تويتر": "نحن نراقب عن كثب ما يجري في جنوب سوريا، سنكون دقيقين في حماية المصالح الأمنيّة لدولة إسرائيل. وكالعادة، سنكون مستعدّين لتقديم أيّ مساعدات إنسانيّة إلى المدنيّين والنساء والأطفال، لكنّنا لن نقبل بأيّ لاجئين سوريّين على أراضينا".
وفي هذا السياق، قال عادل المسالمة، وهو أحد النازحين من ريف درعا الشرقيّ المتواجدين حاليّاً بالقرب من الحدود السوريّة - الإسرائيليّة لـ"المونيتور": "خرجنا بأعداد كبيرة من ريف درعا الشرقيّ باتّجاه الحدود، ووردّتنا أخبار من الذين وصلوا قبلنا إلى الحدود الأردنيّة أنّ السلطات الأردنيّة تمنع النازحين السورييّن من عبور الحدود، وأنّ الوضع سيّئ جدّاً هناك. لقد قرّرنا الذهاب إلى الحدود الإسرائيليّة، على أمل أن تفتح لنا الحدود للعبور، ولكن للأسف واجهنا الموقف نفسه الذي اتّخذته الحكومة الأردنيّة. نعم، وصل بعض المساعدات الإنسانيّة من الجيش الإسرائيليّ، لكنّنا نحن هنا نفترش العراء، وندرك جيّداً أنّ النظام لن يستهدف هذه المنطقة باعتبارها تقع بالقرب من الحدود الإسرائيليّة، ولكن رغم ذلك فنحن نواجه مصيراً مجهولاً".
لا يختلف الأمر كثيراً على الحدود السوريّة - الأردنيّة، حيث تتجمّع المئات من العوائل التي نزحت من ريف درعا الشرقيّ، إثر تصاعد وتيرة العنف في المنطقة، آملة في عبور الحدود إلى المملكة الأردنيّة الهاشميّة، التي تحتضن بدورها 1.2 مليون لاجئ سوريّمنذ عام 2011.
وبرّر رئيس الوزراء الأردنيّ عمر الرزّاز في تصريح لوكالة الأنباء الأردنيّة "بترا" في 3 تمّوز/يوليو الجاري أنّ منع بلاده عبور اللاّجئين السوريّين الحدود يأتي مع توافر معلومات عن تواجد مسلّحين بين هؤلاء اللاّجئين: وقال: إنّ بلاده توازن بين حماية الحدود والمجتمع بشكل كامل، وبين واجب إيصال الدعم والمعونات الغذائيّة والإيوائيّة إلى النازحين السوريّين.
وأشار إلى أنّ هناك تهديداً أمنيّاً، وبلاده لن تستطيع أن تقرّر أو تفرز المواطن المسالم من الشخص المسلّح، متطرّقاً إلى سيناريوهات مماثلة واجهت الأردن قبل ذلك.
وفي هذا الصدد، قال عمر الزعبي، وهو من أبناء منطقة اللجاة في ريف درعا، لـ"المونيتور": "نحن هنا بالقرب من الحدود السوريّة - الأردنيّة منذ أيّام عدّة، ولا تسمح لنا السلطات الأردنيّة بالدخول. لقد أرسلت بعض المساعدات، وهي تكاد لا تكفي لنصف العدد المتواجد هنا. نحن لا نريد طعاماً، نريد أن تفتح لنا الحدود لكي نعبر، وهناك نستطيع أن نعمل وأن نحصل على الطعام واللباس وكلّ شيء. خذل العرب الشعب السوريّ منذ 7 سنوات، فليتهم يتعلّمون من المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، التي تحتضن أكثر من مليون ونصف مليون سوريّ على أراضيها، وكذلك من الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان الذي يحتضن أكثر من 3 مليون سوريّ في تركيا، فلا يوجد مكان آخر نذهب إليه، سنبقى هنا وليحدث ما يحدث".
بات النازحون السوريّون من ريف درعا أمام نارين: الأولى هي نيران قوّات النظام والدول المتحالفة معه، التي تقصف قراهم ومدنهم بشكل يوميّ، والثانية هي نار الجيران الذين أغلقوا الحدود في وجههم لأسباب متعدّدة، منها اقتصاديّة ومنها أمنية، وهم لا يعرفون إلى أين ستنتهي الحال بهم، وسط عجز ملحوظ من المجتمع الدوليّ عن منع النظام السوريّ وحلفائه من ارتكاب المزيد من المجازر بحقّ الشعب السوريّ وتهجيره وتشريده من مكان إلى آخر.