لم يخفِ اليسار الإسرائيلي بهجته لرؤية المدرّجات فارغة خلال الاحتفال اليوبيلي بتحرير يهودا والسامرة وغور الأردن ومرتفعات الجولان في 27 أيلول/سبتمبر الماضي، والذي نظّمه المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة. يرى اليسار في صور المقاعد الفارغة دليلاً على فشل المستوطنين في الفوز بقلوب الرأي العام الإسرائيلي وعقوله. ويقول اليساريون إن المليارات التي أنفقتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في المستوطنات على امتداد خمسين عاماً لم تستقطب سوى أقل من خمسة في المئة من الإسرائيليين للعيش هناك – نحو أربعمئة ألف شخص بحسب دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية – لا بل أكثر من ذلك، امتنعت الغالبية الساحقة عن حضور "مهرجان التحرير" المبذِّر للأموال.
بيد أن الشعور باللذة الذي يستمدّه اليسار من الإخفاق الظاهري للمستوطنين وأسيادهم مثيرٌ للشفقة نوعاً ما. صحيح أن مفهوم اليمين عن العودة إلى أرض الأجداد لم يولّد تحولاً ديمغرافياً واسع النطاق عبر انتقال الإسرائيليين إلى المستوطنات. غير أن المفهوم تجذّرَ في عقول شرائح واسعة من الرأي العام الإسرائيلي وعشرات آلاف الزوّار من مختلف أنحاء العالم. وهذا يحدث بصورة يومية في مدينة القدس القديمة وفي مختلف أنحاء الضفة الغربية.