تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النساء يواجهن نكسات في ليبيا الجديدة

يبدو أنّ النساء في ليبيا كنّ أفضل حالاً في عهد معمر القذافي، فقد تمتّعن بوصول أفضل إلى التعليم والعمل وكان تعدّد الزوجات قد أصبح تقريبًا من الماضي.
Libyans celebrate in Tripoli's landamark Martyrs square on February 17, 2015 the upcoming fourth anniversary of the Libyan revolution which toppled strongman Moamer Kadhafi. Islamist militants have thrived in Libya since Kadhafi was toppled and killed in the NATO-backed 2011 uprising, with authorities struggling to contain dozens of militant groups with diverse motivations and ideologies. AFP PHOTO / MAHMUD TURKIA        (Photo credit should read MAHMUD TURKIA/AFP/Getty Images)

في 25 حزيران/يونيو، مباشرة بعد أن أدلت سلوى بوقعيقيص بصوتها في انتخابات مجلس النواب الجديد، جرى قتلها في منزلها في بنغازي في شرقي ليبيا. كانت بوقعيقيص أبرز محامية في ليبيا، وعضوًا في المجلس الوطني الانتقالي السابق الذي قاد حركة التمرّد في العام 2011 وناشطة مدنيّة معروفة. وفي شهر شباط/فبراير، صُعقت ليبيا مجدّدًا بخبر استهداف ناشطة معروفة أخرى في طرابلس: جرى قتل كلّ من انتصار الحصائري وعمّتها في شارع مزدحم غرب مركز مدينة طرابلس.

تصدّر هذان الخبران العناوين داخل البلاد وخارجها، لأنّ الضحيّتين كانتا ناشطتين عامتين معروفتين، لكن يمرّ الكثير من جرائم العنف الأخرى بحقّ النساء بدون الإعلان عنها. حتّى اليوم، لم يجر تحقيق شامل في أيّ من جرائم القتل المرتكبة، ناهيك عن حلّ هذه الجرائم وإحضار القتلة أمام العدالة.

منذ أن ساعد حلف الناتو الثوار على إسقاط نظام معمر القذافي، شاءت المفارقة أن تعاني النساء في ليبيا الجديدة على أيدي أولئك الذين يدّعون أنهم حرّروهنّ، والذين أصبح معظمهم من الميليشيات المشاركة في الجرائم. ومع أنّه لم يجر التحقيق بعد في ادّعاءات الاغتصاب الجماعي في حرب العام 2011، من المعروف أنّ العنف ضدّ النساء هي مسألة رئيسيّة. وبسبب المحرّمات الاجتماعيّة، يصعب على الضحايا التحدّث بالموضوع، ولم تبذل الحكومات المتعاقبة في البلاد أيّ جهود جدّيّة للنظر في هذه المسألة.

من حيث التشريعات، كانت النكسة الأكبر ربما إلغاء تشريع عهد القذافي الذي يمنع تقريبًا تعدّد الزوجات. فعشيّة مقتل القذافي في تشرين الأوّل/أكتوبر 2011، دعى رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل إلى تشريع تعدّد الزوجات، زاعمًا أنّ منعه مخالف للشريعة. وفي العام 2013، جرى إبطال القانون وأصبح تعدّد الزوجات قانونيًا من جديد.

في خلال حكم القذافي، كان من شبه المستحيل أن يتمكّن رجل من اتّخاذ زوجة ثانية. فصحيح أنّ تعدّد الزوجات لم يكن ممنوعًا بالكامل، لكنه كان صعبًا للغاية بفضل حيلة قانونيّة ذكيّة، إذ إنّ القانون فرض على كلّ رجل راغب في الزواج من امرأة ثانية أن يحصل على موافقة زوجته الأولى، ولا تعتبر هذه الموافقة قانونيّة إلا إذا أعطيت عبر المحكمة: يسأل قاضٍ الزوجة الأولى، على انفراد، ما إذا كانت تسمح لزوجها بالزواج مرّة أخرى. وفي حال تزوّج الرجل امرأة ثانية من دون موافقة زوجته الأولى الخطيّة، يُعتبَر عقد الزواج غير قانوني.

وعلى الرغم من غياب أيّ أرقام رسميّة، يُعتقَد أنّ هذا القانون أدّى دورًا كبيرًا في إلغاء تعدّد الزوجات بشكل شبه كامل.

كان المجلس الوطني الانتقالي مسؤولاً أيضًا عن تشريع آخر أدّى إلى حرمان النساء، فقد قام في العام 2012 باعتماد قانون الانتخابات الذي يعطي 10% من المقاعد فقط للنساء في الانتخابات الوطنيّة، تاركًا الأمر للأحزاب السياسيّة بتخصيص المقاعد على الصعيد المحلّي. وفي مجتمع يتّسم بالهيمنة الذكوريّة، لن يكون لكلمة النساء أيّ تأثير يُذكَر على الصّعيد المحلي ما لم يقف القانون بجانبهنّ، بما أنّ جميع الأحزاب السياسيّة يقودها رجال، ما يقلّص حظوظ النساء بالحصول على ترشيح على قائمة أيّ حزب. في الواقع، وعلى الرغم من دور المجلس الوطني الانتقالي في الثورة، لم تشارك سوى امرأتين فيه، إحداهما هي بوقعيقيص التي جرى قتلها، والأخرى هي سلوى الدغيلي.

في خلال عهد القذافي، حقّقت النساء تقدّمًا ثابتًا من حيث وصولهنّ إلى التعليم والعمل، وبات من الشائع جدًا رؤية النساء كمحاميات، وقاضيات، وطيّارات مدنيّات وأستاذات جامعيات.

ومن بين أبرز الإنجازات بالنسبة إلى النساء في ظلّ نظام القذافي، نذكر الوصول غير المقيّد إلى التعليم المجاني في جميع المستويات، فالنظام السابق أدرك أهميّة التعليم من أجل تحديث المجتمع، وأجبر الأهل على إبقاء أطفالهم من الجنسين في المدرسة حتّى سنّ التاسعة. وهذا ينعكس اليوم في مستوى التعليم العالي الذي تتمتّع به النساء الليبيّات مقارنة بباقي دول المنطقة. وفي ليبيا اليوم، تنوي معظم الطالبات الالتحاق بالكلّيات، ويحمل عدد متساو تقريبًا من النساء (32%) والرجال (33%) شهادات جامعيّة، وينوي 77% تقريبًا من المتخرجات من المدرسة الثانويّة متابعة التعليم العالي في ليبيا وخارجها.

تبلغ نسبة مشاركة المرأة في العمل المدني في ليبيا الجديدة 20% فقط. وقد يكون أحد الأسباب وراء ذلك انعدام الأمن في البلاد بعد تدخّل حلف الناتو في العام 2011 الذي أقحم ليبيا في حالة من الفوضى ما زالت سائدة من حينها. ومع أنّ النساء يبدين اهتمامًا بالسياسة وصوّتن بأعداد كبيرة في انتخابات العام 2012 بنسبة بلغت 66% تقريبًا، انخفضت نسبة مشاركتهنّ في انتخابات حزيران/يونيو 2014، وقد تكون إحدى التفسيرات لهذا التراجع خيبة الأمل والإحباط الناجمين عن الانتخابات السابقة التي فشلت في تحقيق الاستقرار في البلاد أو في إنهاء العنف.

وفي حين كانت المساواة في مكان العمل تتقدّم ببطء، توقّفت بعد حرب العام 2011 الأهليّة وبروز المجموعات الإسلاميّة المختلفة مثل أنصار الشريعة. لا تميل هذه التنظيمات إلى المساواة بين الجنسين، وبعضها يبغض رؤية المرأة تعمل خارج منزلها في الأساس.

لكن تبقى إحدى المشاكل التي تعانيها النساء في ليبيا متواجدة على الصعيدين الثقافي والاجتماعي، فبما أنّ المجتمع في ليبيا يمكن وصفه بالعشائري والذكوري، هو ينظر نظرة سلبيّة إلى النساء اللواتي يضطلعن بدور رئيسي في المجتمع. وبعد سنوات من تواجد المرأة في المجال العسكري، والشرطة، والتعليم والقضاء، بدأت تتغيّر هذه النظرة لكن ببطء، وفي المدن الكبرى بشكل أساسي، في حين أنّ النظرة السلبية التقليديّة إلى النساء في المناطق الريفيّة لا تزال قويّة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in