في ختام اي لقاء أو اي حوار، حول قضية المسيحيين في العالم الإسلامي، يقف الجميع مربكين أمام السؤال: ماذا نقول في خلاصة النقاش؟ اي حلول نطرح؟ اي توصيات نرفع إلى كل المعنيين بهذه القضية المزمنة والمتأزمة؟ السؤال نفسه توج نقاشات المشاركين في مؤتمر "المسيحيون في ظل الربيع العربي"، الذي عقد في العاصمة الأردنية، عمان، في 27، 28 و29 أيلول الماضي. (راجع مقالين سابقين حوله على موقعنا) لكن ماذا لو كانت المشكلة في مكان آخر، والمقاربة المطلوبة للحل من نوع آخر؟ ماذا لو كان القضية في عمقها، ليست مسألة طوائف مسيحية أو أقليات أو اضطهاد ديني؟ ماذا لو كانت المسألة في جذورها وحقيقتها، مسألة حقوق الإنسان بكل بساطة، أي إنسان كان، وكل حقوقه الأصيلة الطبيعية غير القابلة للتنازل عنها ولا التصرف بها؟؟ من هذه الزاوية بالذات، يمكن الحديث عن ضرورة العمل على ثلاثة مستويات:
أولاً، على مستوى الحكومات في بلدان العالم الإسلامي. حيث المطلوب العمل الفوري والجذري، من أجل تكريس مفهوم حقوق الإنسان في تلك المجتمعات، فكرة وممارسة وتشريعات. على أن تكون المرجعية الأعلى لها، منظومة القانون الدولي الإنساني لا غير. بدءاً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الأمم المتحدة 1948)، مروراً بالعهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية، والاقتصادية والاجتماعية (1966)، وصولاً إلى "اتفاقية منع جريمة إبادة الأجناس والمعاقبة عليها"، و "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، و"الإعلان المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد"، و "الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية" (لأمم المتحدة 1992)، وانتهاء بكل مواثيق الشرعية الدولية حول الحق الإنساني. فحين تصبح هذه الشرائع هي السقف والمرجعية والإطار الناظم لكل التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان في أي بلد إسلامي، تنتفي مشكلة أي مواطن غير مسلم، إذ تنتفي أصلاً مشكلة حقوقه كإنسان، اياً كان دينه.