تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الفلسطينيّون يسعون إلى تشكيل غرفة عمليّات مسلّحة مشتركة

تخلّلت جولة التصعيد الأخيرة في غزّة إصدار الجناحين العسكريّين لـ"حماس" و"الجهاد الإسلاميّ" بياناً مشتركاً أعلنا فيه إطلاق الصواريخ على إسرائيل معاً في 29 أيّار/مايو، من خلال إقامة غرفة عمليّات مشتركة لتنسيق عمليّاتهما العسكريّة... السطور الآتية تناقش هذا التطوّر وإمكانيّة نشوء أسلوب جديد لتنفيذ هجمات فلسطينيّة مشتركة ضدّ إسرائيل، وارتباطه بجبهة المقاومة بقيادة إيران التي تدعم الحركتين، والتعرّف على إيجابيّات هذه الخطوة العسكريّة وسلبيّاتها.
RTX5ECHE.jpg

شهدت المستوطنات الإسرائيليّة القريبة من قطاع غزّة في 29 أيّار/مايو إطلاقاً مكثّفاً لـ80 قذيفة هاون أطلقها مسلّحون فلسطينيّون، وردّ الجيش الإسرائيليّ بقصف 56 هدفاً فلسطينيّاً بقطاع غزّة، وهو التصعيد الأخطر منذ انتهاء حرب غزّة في عام 2014، من دون أن يوقع خسائر بشريّة فلسطينيّة وإسرائيليّة. ولقد أتى هذا التصعيد، عقب مقتل اثنين من عناصر "الجهاد الإسلاميّ" وثالث من "حماس"، بقصف مدفعيّ إسرائيليّ في 27 و28 أيّار/مايو، وتوعّدهما بالردّ عليه.

اللاّفت في التصعيد أنّ إطلاق القذائف تمّ من الجناح العسكريّ لـ"حماس" - كتائب عز الدين القّسام والجناح العسكريّ لـ"الجهاد الإسلاميّ" - سرايا القدس، وأعلنا ببيان مشترك في 29 أيّار/مايو أنّ "هذا الردّ المشترك يؤكّد معادلة القصف بالقصف والدمّ بالدمّ، وسنتمسّك بها مهما كلّفتنا من ثمن، ولن نسمح للعدو بفرض معادلات جديدة".

يطرح هذا العمل المشترك للقسّام والسرايا أسئلة عديدة حول أسباب هذا التنسيق الميدانيّ، ولماذا قرّرت حركتا "حماس" و"الجهاد" العمل معاً، وفي هذا الوقت بالذات، وهل هو مقدّمة لفتح صفحة جديدة من الهجمات المسلّحة المشتركة ضدّ إسرائيل؟

تلتقي حماس مع الجهاد الإسلامي في الأيديولوجية الإسلامية، ومرتكزاتهما السياسية بالنظرة لإسرائيل، وتبني المقاومة المسلحة ضدها، وتعقدان لقاءات مشتركة، وصلت ذروتها بمسيرات العودة بقطاع غزة، التي اندلعت منذ 30 آذار/مارس، وتتعرضان لملاحقة السلطة الفلسطينية وإسرائيل بالضفة الغربية.

وفي حين أن الجهاد الإسلامي لا تشارك بالانتخابات التشريعية، فقد فازت فيها حماس في 2006، وتدعو لإجرائها مؤخرا، لكنهما قاطعتا اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في يناير برام الله، ورفضتا حضور المجلس الوطني الفلسطيني أواخر أبريل برام الله.

وفي حين أن علاقة الجهاد بإيران وسوريا ولبنان ومصر قوية، فإن لحماس علاقات أوسع بدول عربية أخرى مثل قطر وتركيا، بجانب علاقتها مع إيران ولبنان ومصر.

ربما تعتبر الحركتان أنهما رصيد لبعضهما، بعيدا عن التنافس الحزبي الحاد، فأهدافهما متقاربة، وأجواؤهما بعيدة عن التوتر، ونفذتا عمليات مسلحة مشتركة ضد إسرائيل.

في هذا الإطار، قال القياديّ في "حماس" بغزّة والقائد العسكريّ السابق بكتائب القسّام محمود مرداوي لـ"المونيتور": "إنّ هذا الكفاح المشترك بين القسّام والسرايا يحمل بذور تشكيل جيش وطنيّ لمواجهة إسرائيل، من دون استحواذ فصيل على آخر، بل بتنسيق ميدانيّ عملياتيّ. ولدينا توجّه بإشراك كلّ الفصائل المسلّحة لتنفيذ العمليّات المشتركة. ولأنّ حماس والجهاد برامجهما السياسيّة متقاربة، فإنّ توجّهنا هذا استراتيجيّ، وليس تكتيكيّاً".

وفي 30 أيّار/مايو، أصدرت عدة أجنحة عسكريّة فلسطينيّة بياناً مشتركاً أكّدت فيه "جهوزيّتها للتصدّي لأيّ عدوان إسرائيليّ، لأنّ حساباتنا تنطلق من قرارنا الفلسطينيّ الخالص"، ووقّع عليه بجانب القسّام والسرايا، ألوية صلاح الدين، كتائب المجاهدين، أبو علي مصطفى، والمقاومة الوطنيّة، وغيرها من المجموعات المسلّحة.

الحديث الفلسطينيّ عن القرار الوطنيّ الخالص لمواجهة إسرائيل، ربّما أتى ردّاً على اتّهام رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في 30 أيّار/مايو التنظيمات الفلسطينيّة بأنّها عملت بوحي من إيران، وزعم المتحدّث باسم الجيش الإسرائيليّ رونين مانليس في 29 أيّار/مايو أنّ إيران تقف خلف التصعيد بغزّة.

وقال المتحدّث باسم "الجهاد الإسلاميّ" داوود شهاب لـ"المونيتور": "ليست المرّة الأولى التي تنفّذ فيها السرايا والقسّام عمليات مشتركة. لقد قامتا بذلك سابقاً، لكنّ السنوات الأخيرة شهدت تطوّراً كبيراً في تنسيقهما، وباتت لهما غرفة عمليّات مشتركة ثنائية منذ يوليو 2017، انعكاساً لتطوّر علاقة حماس والجهاد، وضرورة تمليها التحدّيات التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة، ونأمل أن ينضج التنسيق مع كلّ الأجنحة العسكريّة، ويتطوّر نحو جبهة موحّدة".

يظهر سجل العمليّات المشتركة بين القسّام والسرايا أنّهما نفّذتا العديد منها، فقد هاجمتا في 24 تمّوز/يوليو من عام 2014 قوّة عسكريّة إسرائيليّة في بلدة خزّاعة بجنوب قطاع غزّة. وفي حرب غزّة من عام 2014، وزّعت الفصائل الأدوار بينها، ففيما تولّت القسّام والسرايا ضرب العمق الإسرائيليّ بالصواريخ المتوسّطة، تحمّلت المجموعات الأخرى ضرب غلاف غزّة بالقذائف القصيرة. وفي كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2007، نفّذتا عمليّة "بيت كاحل" في غرب مدينة الخليل، التي قتلت جنديّين إسرائيليّين. وفي تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2003، قتلتا 3 جنود إسرائيليّين لدى مهاجمتهم موقعاً عسكريّاً في مستوطنة نتساريم في وسط قطاع غزّة، قبل الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005. أمّا في حزيران/يونيو من عام 2003، فنفّذتا اقتحاماً لموقع إسرائيليّ بمنطقة إيريز شمال القطاع، وذكر موقع المجد الأمنيّ أنّ مقاتلي الفصيلين انخرطوا في تدريبات مشتركة بغزّة في آذار/مارس من عام 2015.

من جهته، قال عضو المكتب السياسيّ للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين كايد الغول لـ"المونيتور": "إنّنا في حاجة إلى جبهة مقاومة موحّدة تشمل غرفة العمليّات المشتركة بقرار سياسيّ واحد، وتهدف إلى تجميع قدرات قوى المقاومة برؤية واحدة، بما يخدم خطّة حماية شعبنا من الاحتلال الإسرائيليّ، ويخفّف من أيّ خسائر فلسطينيّة، والأهمّ أن يكون بعيداً عن التكتيك الآنيّ، بل الاستراتيجيّ، بما يشمل التوافق على أيّ تهدئة أو هدنة مع الاحتلال".

ربّما تحتلّ العمليّات العسكريّة المشتركة موقعاً متقدّماً في تكتيكات الفعل المسلّح للفصائل الفلسطينيّة، فأهميّتها تكمن في تحقيق أوسع قاعدة فصائليّة شعبيّة داعمة للمقاومة المسلّحة، ودمج كلّ القوى فيها، بما يعنيه ذلك توافر أغلبيّة جماهيريّة تتبنّى هذا الخيار كمشروع مشترك.

ولعلّ "حماس" تدفع عن نفسها تهمة بعض الفلسطينيّين باحتكار المقاومة لأغراض سياسيّة. ولذلك، سعت إلى فتح باب مشاركتها لتحويل المقاومة إلى ثقافة يوميّة شعبيّة للفلسطينيّين ونجاح لخطّها الأيديولوجيّ. وفي الجانب العمليّاتي، فإنّ تنفيذ هجمات مشتركة يثقل على إسرائيل، ويشتّت تحقيقاتها الأمنيّة.

من جهته، قال الخبير العسكريّ في الضفّة الغربيّة وقائد المدفعيّة السابق بقوّات منظّمة التحرير اللواء واصف عريقات لـ"المونيتور": "إنّ حماس تريد إشراك الفصائل معها لتقوية موقفها، كي لا تظهر وحيدة في مواجهة إسرائيل، لكنّ فكرة جيش فلسطينيّ موحّد ما زالت مبكرة، لأنّها تتجاوز البعد العسكريّ إلى مرجعيّته السياسيّة، ويعيش الفلسطينيّون الانقسام. ولذلك، لن تنجح في هذه المرحلة، ولئن كانت حماس والجهاد تشكّلان لوناً سياسيّاً واحداً، ومموّلهما المركزيّ إيران، فإن ذلك يدفعهما لتشكيل غرف عمليّات مشتركة، لكنّ فتح مختلفة عنهما. ولذلك، لن تنخرط معهما".

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Palestine Briefing Palestine Briefing

Palestine Briefing

Top Palestine stories in your inbox each week

Trend Reports

Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman (4th R) attends a meeting with Chinese President Xi Jinping (3rd L) at the Great Hall of the People in Beijing on February 22, 2019. (Photo by HOW HWEE YOUNG / POOL / AFP) (Photo credit should read HOW HWEE YOUNG/AFP via Getty Images)
Premium

From roads to routers: The future of China-Middle East connectivity

A general view shows the solar plant in Uyayna, north of Riyadh, on March 29, 2018. - On March 27, Saudi announced a deal with Japan's SoftBank to build the world's biggest solar plant. (Photo by FAYEZ NURELDINE / AFP) (Photo credit should read FAYEZ NURELDINE/AFP via Getty Images)
Premium

Regulations on Middle East renewable energy industry starting to take shape

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial