لم يصل المهندس ياسر حرارة (25عاما) إلى نهائيات اختيار المشاريع الريادية الناشئة في جوجل""Gaza Startup Weekend الذي نُظم في غزة يوم الخميس الموافق19-6-2001 برعاية مجموعة الاتصالات الفلسطينية، على الرغم من أنه قدم مشروعا متميزا عن تبادل "البيزنس كارت" عبر الهاتف النقال، لكن ياسر لم يفقد الأمل وانضم كمساعد في أحد المشاريع الفائزة.
يقول حرارة للمونيتور:" تخرجت منذ عامين ولم أجد وظيفة مناسبة، وتقدمت اليوم بهذا المشروع لأتغلب على البطالة، ولكن لم يحالفني الحظ، فلم أجد العدد الكافي من المصوتين".
علاء صقر من مجموعة مطوري تقنيات جوجل في غزة يقول للمونيتور أثناء المؤتمر "هناك 160 مشاركاً ومشاركة بمختلف الأفكار لمشاريع ناشئة تجمع بين التكنولوجيا وخدمة المجتمع، وأغلبهم من الخريجين الشباب الذين ليس لديهم فرص عمل".
فلافل
وإذا كان الشاب ياسر وبقية زملائه عرفوا الطريق إلى جوجل لتقديم مشاريعهم، فهناك غيرهم الآلاف يتخبطون، كالشاب محمد الحلو (24عاما) الذي خبأ كاميرا التصوير بين ملابسه وخرج يبيع الفلافل حيناً وأحياناً يقف أمام القدر الممتلئ بأكواز الذرة محاولاً تحصيل دخل عائلته المكونة من سبعة أفراد.
يقول الحلو وهو يمد على الزبائن الذرة حيث يقف بشارع تل الهوى "أستطيع تحصيل عشرين شيكلاً أي ستة دولارات يوميا، ولكن الذرة تباع في موسم الصيف فقط، لذلك أقضي بقية المواسم أبيع الفلافل في محل لشقيقيَّ الأكبر مني، وهما متزوجان ولديهما همومهما الخاصة".
محمد انتهى من دراسة عامين في مجال الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر ويأس من أن يجد عملاً بعد أن اشتغل في مواقع الكترونية دون مقابل.
ويضيف واليأس واضحا في عينيه "أحب التصوير والصحافة، ولكن حين عملت في المجال كان كله تطوع، فأخفيت الكاميرا وخرجت للعمل في المطاعم ".
وتشير أحدث دراسة لجهاز الإحصاء الفلسطيني أن معدل البطالة في قطاع غزة ارتفع من 38.5% في الربع الرابع 2013 إلى 40.8% في الربع الأول من العام 2014 في حين حافظ على نفس المعدل في الضفة الغربية بنسبة 18.2% لكلا الربعين.
تجارة
ياسمين نعيم (28 عاما) تخرجت منذ ستة أعوام ولم تجد عملا، ففضلت أن تبيع الإكسسوارات والعطور، ولأنها لا تملك محلاً، خطرت على بالها فكرة جديدة وهي عرض بضائعها في المطاعم والمقاهي.
تقول في لقاء مع المونيتور أمام بضائعها" كي أعرض الاكسسوارات والعطور في أحد المقاهي الشهيرة بغزة دفعت 120 دولاراً، ولم أحصل إلا على 20 دولار من بيع بضع زجاجات عطر، لكني أفضل هذا العمل عن وظيفة رسمية لن أجدها أو لن تناسبني".
أحمد ناصر( 27 عاما) شاب حاصل على معدل 80% بكالوريوس رياضيات من جامعة الأقصى لكنه لم يجد عملاً في مجاله واتجه للبيع في محل تجاري بعد أن فقد الأمل بأي تحسن وتغيير في ظل المصالحة وتشكيل حكومة التوافق الوطني، قائلاً "لن يتغير الحال، ولن ينتبه أحد لنا نحن الشباب، فالأيام تضيع ونحن في وضع كارثي، فأنا خريج منذ أربع سنوات، وحين أقدم على وظيفة مدرس رياضيات أجد أمامي 40 أو 30 ألف متقدم آخر".
وتقول دراسة لمركز الإحصاء ذاته أن مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية تخرج سنوياً حوالي 30 ألف طالب، كما أعلن كل من جهاز الإحصاء المركزي ومنتدى شارك الشبابي أن نسبة الشباب بين (15-29) سنة في فلسطين بلغت 29.9% من إجمالي السكان البالغ نحو 4.42 مليون ، ومعدل البطالة بين الخريجين 52.5% خلال الربع الأول 2013، وأن 37% منهم نشيطون اقتصاديا، مبيناً التقرير ارتفاع معدلات التعليم مقابل ارتفاع معدلات البطالة خاصة لدى خريجي الجامعات.
وظائف أون لاين
وهناك من أوجد حلولا إبداعية لفكرة البطالة المتزايدة بين شباب القطاع فقد قام ناشط الإعلام المجتمعي م.علاء الملفوح بتأسيس مدونة بعنوان "فرص" والتي انطلقت عام2011 بهدف تسهيل مهمة البحث عن الفرص الشبابية من خلال تجميعها من المصادر المختلفة والموثوق بها كالمؤسسات الشبابية، والشركات والمواقع الرسمية والصحف المحلية ونشرها مجانا في مكان واحد يرتاده الجميع بسهولة، -بحسب الملفوح-.
وأضاف "عدد زيارات الموقع يوميا من 10-20 ألف زيارة لمختلف الفرص وأهمها الوظائف الشاغرة، والزوار من قطاع غزة ما بين 8-15 ألف زيارة يوميا"، موضحا أنها ساهمت في مئات من قصص النجاح فهي تعتبر المرجع الأول للوظائف في القطاع.
حلول للمستقبل
الخبير في مجال الشباب والتنمية محمد حسنة لا يستغرب من يأس الشباب، متسائلاً "كيف لحكومة توافق وطني تجاهلت الشباب في تشكليها, أو حتى في مداولات المصالحة أن تهتم بهم".
أما مقترحاته لحل أزمة البطالة فيلخصها بقوله" يجب توحيد برنامج التشغيل المؤقت لدى المؤسسات الدولية العاملة في غزة وتوجيه الأعمال باتجاه تحقيق خطة التنمية الموضوعة من قبل الحكومة الفلسطينية، وتخفيض سن التقاعد المبكر لإتاحة فرص شاغرة في الحكومة، وفتح فرص عمل في الأسواق الخارجية عبر اتفاقات دولية مع حكومة التوافق".
ويؤكد حسنة أن العملية التعليمية بحاجة لإعادة صياغة كي ترتكز على تطوير التعليم المهني والتقني بالإضافة إلى تشجيع الابتعاث إلى الخارج والارتقاء في التخصصات بما يواكب احتياجات السوق المحلي والدولي.
أما وزير العمل في حكومة الوفاق الوطني الجديدة مأمون أبو شهلا فلديه نظرة على المستوى البعيد، قائلاً للمونيتور "في الوزارة السابقة كان هناك برنامجيين لتشغيل الخريجين وتم استيعاب عدد كبير منهم على الرغم من أنه كان عبارة عن عمل مؤقت، وحقق 6000 آلاف فرصة، وفي ذلك الوقت كانت الإمكانيات أقل، الآن نتوقع إمكانيات أكبر لذلك نفكر في برامج ليست مؤقتة، ولكنها تبقى خطط مستقبلة تحتاج إلى وقت وفتح المعابر، ولن يتم ذلك خلال شهور قليلة".
وأضاف أن هناك أزمة عميقة حاليا فقد كان للانقسام السياسي دور رئيسي في تدمير الحالة الاقتصادية في القطاع غزة إضافة للاحتلال الإسرائيلي، والحل يأتي مع الانتعاش الاقتصادي، مضيفا " فلو تم إدخال مواد البناء فهذه وحدها ستوفر من50 ألف إلى 100 ألف فرصة عمل"، مؤكدا أن أراضي السلطة الفلسطينية بحاجة إلى 300 ألف فرصة عمل جديدة.
وإذا كان ياسر أصابه الإحباط من جوجل، فهناك شباب أصغر سناً محبطين من كل شيء ولا يؤمنون بالمستقبل في غزة، فيقول محمد منصور وأُسيد المصري (كلاهما 18 عاما ) وكانا يجلسان على جدار نافورة في إحدى الحدائق " تخرجنا حديثا من المدرسة الأمريكية، وننتظر فرصة السفر للدراسة في جامعة اسطنبول".
واتفقا على أنهما سيبقيان خارج غزة بعد التخرج، ويصفانها بأنها مدينة طاردة للشباب، مضيفان "ولن تختلف الحكومة الجديدة في إهمالنا نحن الشباب كما فعلت الحكومات التي سبقتها".