تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

دعوات أمميّة لإنقاذ الاقتصاد اليمنيّ من الانهيار

تتسارع وتيرة التدهور الاقتصاديّ في اليمن، يوماً بعد يوم، لتضمّ ما تبقى من الفئات المجتمعيّة القليلة إلى ملايين اليمنيّين ممّن سبقوهم في سلّم المعاناة وعدم القدرة على توفير أدنى مقوّمات العيش الأساسيّة، في حين تستمرّ أطراف الصراع متصلّبة في مواقفها، في واقع منعزل عن كلّ أولئك الناس دونما اكتراث.
RTS243K4.jpg

صنعاء – شهد الاقتصاد اليمنيّ خلال الشهرين الماضيين تدهوراً هو الأكبر منذ اندلاع الحرب في اليمن، التي تقترب من إكمال عامها الرابع، حيث فقد الريال اليمنيّ ما يقارب الـ40 في المئة من قيمته، وارتفع سعر الدولار الواحد من420 إلى750 ريالاً يمنيّاً، وترتّب على ذلك زيادة كبيرة في الأسعار، في ظلّ انهيار القدرة الشرائيّة لدى المواطن وتوقّف رواتب أكثر من مليون ومائتي ألف موظّف حكوميّ منذ أكثر من عام. وقد يكون ذاك الأمر هو ما جعل الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس يخرج للتحدّث في نيويورك أمام الصحافيّين يوم الجمعة الماضي، واصفاً الحال في اليمن بقوله: "إنّ الوضع في اليمن هو أسوأ أزمة إنسانيّة في العالم، واليمن يقف اليوم على شفا الهاوية".

ودعا إلى اتّخاذ خطوات وحلول سريعة، منها وجوب دعم الاقتصاد اليمنيّ وتثبيت سعر الصرف ودفع الرواتب والمعاشات التقاعديّة.

أمّا منسّق الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانيّة مارك لوكوك، فكان قد سبق أنطونيو غوتيريش، في إحاطته التي قدّمها أمام مجلس الأمن في تشرين الأوّل/أكتوبر الفائت، بالتحذير من مجاعة لم يشهد لها العالم مثيلاً في اليمن، قائلاً: "إنّنا نخسر الحرب ضدّ المجاعة".

ووفق تقرير صدر عن البنك الدوليّ خلال الشهر المنصرم، فإنّ "إجماليّ الناتج المحليّ لليمن قد انكمش بنحو 50 في المئة منذ عام 2014، وإنّ هناك انهياراً واضحاً في القوّة الشرائيّة لدى ملايين اليمنيّين".

وعن أهمّ أسباب التدهور الاقتصاديّ، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء الدكتور علي مهيوب العسلي خلال حديث خاص لـ"المونيتور": "إنّ أبرز الأسباب وأوّلها استخدام الاقتصاد كسلاح في الحرب الدائرة من قبل أطراف الصراع، ليأتي بعد ذلك أيضاً تقاسم السيطرة على البلد وموارد الطاقة اللاّزمة للعمليّة الإنتاجية، وهو الأمر الذي أدّى إلى تعطيل البنك المركزيّ عن القيام بوظائفه الأساسيّة، تحديداً في التحكّم بالسيولة النقديّة التي أصبحت في يدّ مالكين جدد يتبعون الأطراف، ليستعملوها في المضاربات بالعملة والسوق السوداء، من خلال محلاّت الصرافة التي تمّ فتحها في شتّى المحافظات، من دون تصاريح، وأيّ ضوابط قانونيّة".

جرّاء جعل الاقتصاد ضمن دوائر الصراع بين الحكومة الشرعيّة في عدن، وحكومة مليشيا الحوثيّين في صنعاء، تمثّل بإصدار قرار من قبل الحكومة الشرعية بنقل البنك المركزيّ إلى عدن، وامتناع الحكومة الشرعيّة عن إرسال رواتب الموظّفين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيّين، حتّى يتمّ تنفيذ طلبها بتوريد إيرادات مؤسّسات الدولة، في تلك المناطق إلى البنك المركزيّ، وهو ما يرفضه الحوثيّون.

أضاف: "إنّ طباعة أوراق نقديّة محليّة من دون أن يكون لها غطاء إنتاجيّ وتراجع الأداء الاقتصاديّ الكليّ في القطاعات الاقتصاديّة الحقيقيّة الرئيسيّة وانخفاض الناتج المحليّ الإجماليّ بصورة كبيرة، وأيضاً الفساد المستشري داخل الأجهزة لدى مختلف الأطراف وانخفاض المعروض النقديّ بسبب الركود الاقتصاديّ وتوقّف الاستثمارات، كلّ تلك الأمور من أبرز الأسباب التي أدّت إلى الانهيار الحاصل".

من جهته، قال محمّد السلامي، وهو تاجر موادّ غذائيّة في صنعاء، لـ"المونيتور": "صحيح، إنّ الأسعار ارتفعت بشكل جنونيّ، ولم يعد المواطن قادراً على تحمّلها، ونحن كتجّار نواجه الكثير من المشاكل والانتقادات من قبل المواطنين، الذين يعتبرون أنّ التجّار هم من يتحكّمون بالأسعار، وهم من رفعوها، لكنّ ذلك ليس ذنبنا، فارتفاع الأسعار جاء نتيجة ارتفاع سعر الدولار، والوضع الاقتصاديّ السيّئ والحرب".

بدورها، علّقت المديرة التنفيذيّة لمنظّمة الأمم المتّحدة للطفولة "الـيونيسف" هنرييتا فور في بيان صحافيّ بـ18 تشرين الأوّل/أكتوبر الفائت على التدهور الاقتصاديّ بقولها: "تكلفة الغذاء والوقود والماء قد ارتفعت بشكل هائل في اليمن، فيما تدهورت قيمة العملة الوطنيّة، والأسر التي لم تعد قادرة على تحمّل تكلفة الموادّ الغذائيّة الأساسيّة قد تنضمّ قريباً إلى 18.5 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائيّ".

تتسارع وتيرة التدهور الاقتصاديّ في اليمن، يوماً بعد يوم، لتضمّ ما تبقى من الفئات المجتمعيّة القليلة إلى ملايين اليمنيّين ممّن سبقوهم في سلّم المعاناة وعدم القدرة على توفير أدنى مقوّمات العيش الأساسيّة، في حين تستمرّ أطراف الصراع متصلّبة في مواقفها، في واقع منعزل عن كلّ أولئك الناس دونما اكتراث.

تدور معارك عنيفة حالياً في محافظة الحديدة، وسط تحذيرات دولية بتضاعف الكارثة الإنسانية ، بعد أن كان التفاؤل هو السائد بترحيب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث بالدعوات الأخيرة للاستئناف الفوري للعملية السياسية، والتدابير للتوصل لوقف للأعمال العدائية في اليمن.

واعتبر المحلّل الاقتصاديّ اليمنيّ عبد الواحد العوبلي في حديث لـ"المونيتور" أنّ "الأزمة والحال الاقتصاديّة اللتين يعيشهما اليمن، هما الأسوأ حين يتمّ مقارنتهما بأوضاع دول أخرى في المنطقة تعيش الصراع والحرب كسوريا وليبيا، حيث لم ينقطع فيهما صرف رواتب الموظّفين كالحال في اليمن الذي أصبح فيه المواطن يعيش بين سندان انعدام الدخل ومطرقة الغلاء الفاحش والمتلاحق.

واعتبر أنّ سيطرة الحوثيّين على السلطة في عام 2014 ونهب الاحتياطيّ في البنك المركزيّ، ثمّ استبدال العملة المحليّة بالدولار والفساد والأداء الضعيف للحكومة الشرعيّة على مدى السنوات الماضية، هي أهمّ أسباب الانهيار الحاصل".

وعن أبرز الحلول الاقتصاديّة العاجلة لتلافي التدهور الحاصل، رأى علي مهيوب العسلي أنّ أهمّ الخطوات تبدأ بوقف الحرب القائمة، وهذا ما يحتاج إلى قرار شجاع ووطنيّ من قبل الأطراف المتصارعة، ثمّ إزالة كلّ أسباب الانهيار المشار إليها سابقاً وبخطوات علميّة وعاجلة".

واعتبر عبد الواحد العوبلي أنّ أهمّ الحلول لن يتأتّى إلاّ بفرض سيطرة الحكومة الشرعيّة على كلّ الإيرادات أوّلاً، كونها غير قادرة حتّى الآن على ذلك، حتّى في مناطق سيطرتها، والبدء باستئناف عمليّة تصدير النفط والغاز وتشغيل الموانئ ومختلف الجهات الإيراديّة، وتوريد المبالغ إلى البنك المركزيّ اليمنيّ ليستطيع التحكّم في السياسة النقديّة وتطبيق إجراءاته الاقتصاديّة المتّبعة. وفي موازاة ذلك، يجب إحداث هيكلة شاملة للكادر الحكوميّ الذي يتقاضى راتبه بالعملة الصعبة، والتقييم للتعيينات وتقليصها، وتلك إجراءات عاجلة يجب على الحكومة البدء بها".

ويذكر أنّ اليمن يشهد حرباً منذ آذار/مارس من عام 2015 تقدّر ضحاياها من المدنيّين حسب الأمم المتّحدة بحوالى 5،200 شخص، فيما يبلغ من يحتاجون إلى المساعدة العاجلة 22.2 مليون شخص.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial