بعد مرور خمس سنوات على اندلاع الحرب الأهليّة السوريّة، باتت كلّ محافظة من محافظات تركيا الواحدة والثمانين تستضيف مجموعة من اللاجئين، أكانت صغيرة أم كبيرة. وتضمّ محافظة شانلي أورفا الحدوديّة العدد الأكبر من اللاجئين، وهو 401 ألف سوريّ، تليها اسطنبول مع 394 ألف سوريّ. أمّا بارتين، الواقعة على ساحل البحر الأسود، فتسجّل العدد الأدنى من اللاجئين، ألا وهو 27 لاجئاً. وعلى صعيد المناطق، يتركّز العدد الأكبر من اللاجئين في الجنوب الشرقيّ، وتستضيف محافظات غازي عنتاب وديار بكر وشانلي أورفا وباطمان وأديامان وسيرت وماردين وكلس وشرناق ما يزيد قليلاً عن مليون سوريّ. بتعبير آخر، يقيم أكثر من ثلث السوريّين في تركيا، البالغ عددهم 2,75 مليوناً، في الجنوب الشرقيّ، ويعود السبب في الدرجة الأولى إلى صلات القربى والروابط الثقافيّة مع الجماعات الحدوديّة، إلى جانب عوامل أخرى.
لكنّ البعض في تركيا يعتبر أنّ السياسة هي وراء تركّز اللاجئين في الجنوب الشرقيّ. ففي مناقشة نظّمتها جامعة بلجي في اسطنبول في كانون الأول/ديسمبر، قال متخصّص في العلاقات الدوليّة في الجامعة يدعى أهيان كايا إنّ جهوداً تتعلّق بـ "الهندسة الاجتماعيّة" تُبذل من أجل تحقيق توازن في التركيبة السكانيّة في الجنوب الشرقيّ التي تتألف أكثريّتها من الأكراد وكبح نهضة القوميّة الكرديّة. أمّا زميله إيلتر توران فرأى أنّه لا علاقة مباشرة بين موجة اللاجئين والمسألة الكرديّة، لكنّه اعتبر أنّ السوريّين، وغالبيّتهم من العرب، يغيّرون بالفعل التركيبة الإثنيّة في الجنوب الشرقيّ. ونفى رئيس مركز أبحاث الهجرة والسياسة في جامعة حجة تبة، مراد إردوغان، مزاعم الهندسة الاجتماعيّة بدوره، مشيراً إلى أنّ الحكومة التركيّة لم تتوقّع أن يصل تدفّق اللاجئين إلى هذا الحجم، ولم تخطّط بالتالي لسياسة من هذا النوع.