شدّد مروان البرغوثي أبرز قيادات حركة فتح في الضفّة الغربيّة والمعتقل في السجون الإسرائيليّة، أن الفرصة مواتية للإدارة الأميركية حتى تتّخذ قراراً شجاعاً لصنع السلام في الشرق الأوسط بأسرع وقت ممكن.. فالوقت تأخّر كثيراً، وإن لم تفعل فإن خطر تحوّل الصراع من صراع قوميّ إلى صراع لا يعرف الحلول الوسطى بات على الأبواب.
وأشار البرغوثي في حوار حصريّ خصّ به "المونيتور" من داخل سجنه الإسرائيلي "هداريم"، إلى أن رفض إسرائيل حلّ الدولتين طوال 20 عاماً يعني تعرّض هذا الحلّ إلى خطر التصفية والإنهاء، موضحاً أن أصوات بدأت ترتفع في الساحة الفلسطينيّة ومن داخل حركة فتح للتخلّي عن حلّ الدولتَين والعمل من أجل قيام الدولة الواحدة ثنائيّة القوميّة.
وهنا النصّ الكامل للمقابلة..
المونيتور: بعد 11 عاماً من الإعتقال، ماذا تخبرنا عن هذه الأعوام الطويلة التي قضيتها وما زلت في العزل؟
البرغوثي: في 15 نيسان/أبريل من العام 2002، تمّ اختطافي من مدينة رام الله وسط الضفّة الغربيّة، وذلك بعد محاولات اغتيال فاشلة عدّة نفّذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقد تمّ التحقيق معي على مدى مئة يوم في ثلاثة مراكز تحقيق، في المسكوبية في القدس و"بيتح تكفا" والمعتقل السرّي رقم 1391.
خضعت سنوات عدّة للعزل الإنفرادي في زنزانة صغيرة طولها متران وعرضها متر ونصف المتر، ينهال منها التراب وتكثر فيها الصراصير والبعوض والفئران ولا تصلها الشمس بشكل مطلق في غياب تام للتهوئة. كنت معزولاً كلياً عن العالم، أخرج من زنزانتي مقيّد اليدين لساعة واحدة فقط يومياً، إلى ساحة صغيرة يتسلّل إليها أحياناً ضوء الشمس بحسب الطقس.
حينها كان يسمح لي بالحصول على ستّة كتب، مرّة كلّ ستّة أشهر عبر الصليب الأحمر الدولي. كذلك كنت أشتري الصحف العبريّة، حيث أنني أتقن هذه اللغّة التي تعلّمتها خلال اعتقالات سابقة في السجون الإسرائيليّة.
بعد العزل الانفرادي، انتقلت إلى قسم العزل الجماعي حيث أنا الآن. أقضي وقتي بممارسة الرياضة والتمارين الصباحيّة، ثم أطالع صحيفة "القدس" الوحيدة التي تصلنا، ونتابع فيها الأخبار المحليّة والمقالات والأحداث. كذلك، ومن خلال مشاهدة المحطات الفضائيّة العشر التي تحدّدها مصلحة السجون، ثلاث منها عبريّة والبقيّة عربيّة، أتابع بعض التطوّرات السياسيّة والأحداث العامة. من جهة أخرى أقوم بتدريس عدد من الأسرى، وأعطيهم محاضرات في السياسة والاقتصاد والتاريخ.
ويومياً، أقرأ ما بين ثماني وعشر ساعات، لأنهي ثمانية كتب شهرياً. هنا، يستطيع الأسير الحصول على كتابَين كل شهر، فنتبادلها بيننا. وقد قرأت الكثير من الروايات العالميّة والعربيّة.
أنا اليوم أقضي حكماً ظالماً صدر بحقّي وهو كناية عن خمسة أحكام بالسجن المؤبّد بالإضافة إلى 40 عاماً. وقد رفضت تقديم أيّة مرافعة أمام المحكمة الإسرائيليّة، ولم أقبل أن يترافع عني أيّ من المحامين باعتباري نائباً فلسطينياً منتخباً أتمتّع بحصانة برلمانيّة منذ العام 1996، وقد أعيد انتخابي مرّة أخرى في العام 2006.
المونيتور: كيف تقيّم الوضع الحالي في السياسية الفلسطينيّة، وآفاق المصالحة بين حركتَيّ فتح وحماس؟
البرغوثي: الوضع الفلسطيني يزداد صعوبة بسبب تعطيل عمليّة السلام وإفشالها من قبل إسرائيل التي تواصل سياسة الاحتلال. فالإسرائيليّون انتخبوا مجدّداً حكومة غير راغبة بتاتاً بإنهاء الاحتلال والإستيطان وبصنع سلام مع الفلسطينيّين.
وقد ازداد المشهد الفلسطيني تعقيداً وسوءاً بسبب الانقسام الذي وقع قبل سنوات عدّة، ونحن سبق وقدّمنا مبادرة تحت اسم "وثيقة الأسرى للوفاق الوطني" وقّعت عليها كلّ الفصائل من دون استثناء، بما فيها فتح وحماس. لكن، وللأسف لم يتمّ احترام التوقيع.
أعتبر أنّ الوحدة الوطنيّة تشكّل قانون الانتصار لحركات التحرّر الوطني وللشعوب المقهورة. ونأمل في أن تصل الجهود المبذولة هذه الأيام إلى إنجاز المصالحة باعتبارها شرطاً أساسياً لوحدة الشعب وقيام الدولة، على الرغم من أنها تحتاج إرادة حرة وإيماناً وقناعة بالشراكة بين الجميع لبناء دولة ديمقوراطية مستقلّة كاملة السيادة.
وأنا على ثقة بأنّ الشعب الفلسطيني سينتصر للوحدة وللمصالحة وسيطيح بأمراء الإنقسام آجلاً أم عاجلاً. فتستند تلك الوحدة والمصالحة مجدّداً إلى وثيقة الأسرى وتشكيل حكومة توافق من المستقلّين، ترعى وتشرف على انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة وعضويّة المجلس الوطني الجديدة بأسرع وقت ممكن لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
أمّا عن آفاق السياسة الفلسطينيّة التي راهنت على خيار المفاوضات، فقد فشلت ووصلت إلى طريق مسدود بسبب السياسة الإسرائيليّة الرافضة للسلام. لذلك أدعو إلى إستراتيجيّة تعتمد على العودة إلى الأمم المتّحدة للحصول على عضويّة كاملة لفلسطين، على أن تشمل هذه الاستراتيجيّة كافة الوكالات الدوليّة وتوقيع المواثيق والإتفاقيات والتوجّه إلى محكمة الجنايات الدوليّة والعمل مع المجتمع الدولي لعزل إسرائيل ومقاطعتها، بالإضافة إلى فرض عقوبات عليها حتى تنسحب إلى حدود 1967 وفرض مقاطعة على الاحتلال اقتصادياً وأمنياً وإدارياً وتفاوضياً وسياسياً، وذلك إلى جانب تصعيد المقاومة الشعبيّة وتوسيع دائرتها على أوسع نطاق وانخراط جميع الفصائل والقيادات فيها.
المونيتور: كيف تنظر إلى الوساطة التي تقوم بها إدارة الولايات المتحدة للدفع بعمليّة السلام، بما في ذلك حديثها الأخير حول إحياء مبادرة السلام العربيّة؟
البرغوثي: لقد فشلت الولايات المتحدة في صنع السلام في منطقة الشرق الأوسط بسبب انحيازها إلى إسرائيل بشكل مطلق. وإذا أرادت لجهودها أن تنجح وأن يحلّ السلام في المنطقة، فعليها أن تطالب بشكل واضح وصريح من حليفتها إنهاء احتلال الأراضي المحتلّة في العام 1967، وذلك تمهيداً لإقامة دولة فلسطينيّة عاصمتها القدس الشرقيّة تعيش بجانب إسرائيل، بالإضافة إلى تنفيذ القرار 194 الذي ينصّ على حقّ عودة اللاجئين إلى وطنهم وتحرير كافة الأسرى.
كذلك، على الإدارة الأميركيّة أن تدرس بشكل عميق أسباب فشل جهودها طوال 20 عاماً، فستجد أن الفشل يعود إلى انحيازها وقبولها للموقف الإسرائيلي بشكل دائم. فقد حانت الفرصة لأن تأخذ قراراً شجاعاً لصنع السلام في الشرق الأوسط بأسرع وقت ممكن، فالوقت تأخّر كثيراً. وإذا لم تفعل، فإن خطر تحوّل الصراع من صراع قومي إلى صراع لا يعرف الحلول الوسطى بات على الأبواب.
ومبادرة السلام العربيّة تشكّل الحدّ الأدنى الذي قبل به العرب لتسوية تاريخيّة مع إسرائيل، لكنّ ما صدر عن الوفد الوزاري العربي في واشنطن في ما يتعلّق بالاستعداد لتعديل حدود العام 1967 والقبول بمبدأ تبادل الأراضي، يلحق ضرراً بالغاً بالموقف العربي وبالحقوق الفلسطينيّة ويفتح شهيّة إسرائيل للمزيد من التنازلات. ليس لأحد الحقّ بتعديل الحدود أو تبادل الأراضي، فالشعب الفلسطيني مصرّ على انسحاب إسرائيلي كامل إلى حدود 1967 وإزالة كافة المستوطنات.
المونيتور: نتيجة لعدم إحراز تقدّم سياسي على جبهة حلّ الدولتَين، كانت هناك مقترحات جديدة عدّة تمّ طرحها، بما في ذلك اتّحاد كونفيدرالي مع الأردن أو دولة واحدة ثنائيّة القوميّة مع إسرائيل. ما رأيك في هذا؟
البرغوثي: إن الحلّ الوحيد الممكن حتى هذه اللحظة لاعتبارات دوليّة وإقليميّة وفلسطينيّة، هو حلّ الدولتَين. ويجب عدم التخلّي عنه، بل العمل من أجل إنهاء الاحتلال وقيام الدولة المستقلة كاملة السيادة. وعلى الإسرائيليّين أن يدركوا أن اليوم الأخير في عمر الاحتلال هو اليوم الأوّل للسلام في المنطقة. ولذلك فإنّ الخطوة الأولى المطلوبة من إسرائيل هو الإعلان عن استعدادها لإنهاء الاحتلال والانسحاب إلى حدود 1967 والقبول بحقّ الفلسطينيّين بتقرير مصيرهم، بما في ذلك حقّهم بإقامة دولة مستقلّة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقيّة.
إلى ذلك، يتعرّض حلّ الدولتَين إلى خطر التصفية تحت جنازير دبّابات الإحتلال وجرّافات الإستيطان. وقد بدأت ترتفع أصوات شخصيّات سياسيّة وفكريّة فلسطينيّة بما فيها أصوات من حركة فتح، للتخلّي عن حلّ الدولتَين بسبب تعنّت إسرائيل رفضها له، والانتقال إلى النضال من أجل حلّ الدولة الواحدة ثنائيّة القوميّة على أساس المواطنة والمساواة وإنهاء نظام التمييز العنصري الإسرائيلي القائم على الإحتلال والإستيطان والعنصريّة.
وما زلت أعتقد بأن هناك فرصة لتحقيق حلّ الدولتَين، في حال قبول إسرائيل الصريح والواضح والإلتزام بالإنسحاب إلى حدود 1967 والإعتراف بدولة كاملة السيادة. فالبديل عن فشل حلّ الدولتَين لن يكون الدولة الواحدة ثنائيّة القوميّة، بل استمرار الصراع واتّساع نطاقه على قاعدة صراع الوجود، صراع لا يعرف الحلول الوسطى.
المونيتور: يقول البعض أن السلام مع الفلسطينيّين لم يعد أولويّة لإسرائيل، لأنها تقدّم التعامل مع تهديدات إيران وحزب الله وسوريا. فما الذي يمكن عمله لإقناعها بضرورة تحقيق سلام نهائي معهم؟
البرغوثي: إن الشعب الفلسطيني حقيقة قائمة في هذه المنطقة، وسيظلّ كذلك في المستقبل. ومفتاح السلام والاستقرار في الشرق الأوسط هو إنهاء الإحتلال وقيام دولة فلسطينيّة مستقلّة كاملة السيادة. فالسلام مع دول إقليميّة في المنطقة لن يقود إلى الاستقرار الشامل.
ويخطئ الإسرائيليّون إذا اعتقدوا بأن الوضع الراهن سيستمرّ كما هو عليه، بل عليهم أن يدركوا أن الأمن لن يتحقّق إلا بالسلام، وأن الشعوب العربيّة قد تغيّرت وهم لا يستطيعون تحدّي المنطقة إلى الأبد. لديهم فرصة للوصول إلى السلام مع القيادة الفلسطينيّة الحاليّة، قد لا تُتاح لهم مستقبلاً.
كذلك، فإن هروب إسرائيل من الحلّ مع الفلسطينيّين وتجاهل حقّ الشعب الفلسطيني بالحريّة والعودة والإستقلال، يُعتبران سلوكاً استعمارياً متغطرساً يشبه سلوك النعامة التي تدفن رأسها في الرمال. وهي قد أضاعت فرصة تاريخيّة للوصول إلى السلام في السنوات الـثماني الماضية التي ترأس فيها محمود عبّاس رئاسة السلطة الفلسطينيّة ونفّذ خلالها كلّ ما طالبت به خارطة الطريق، في ظلّ تهدئة وحالة أمن لم يحلم بها الإسرائيليون طوال سنوات الاحتلال.
فأبو مازن رفض كلّ أشكال المقاومة المسلّحة، وهو يجري تنسيقاً أمنياً غير مسبوق مع إسرائيل. لكن، ما الذي قدّمته إسرائيل إلى الفلسطينيّين مقابل ذلك، سوى مزيد من تهويد القدس وتهجير سكّانها والسيطرة على أراضيها واعتقال أبنائها وإغلاق مؤسساتها، بالإضافة إلى مزيد من الإستيطان في الضفّة ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والإعتقالات... وفي المحصّلة النهائيّة نسف وتدمير حلّ الدولتَين وتحقيق السلام.
المونيتور: يبدو أن هناك انبعاثاً جديداً للإحتجاجات غير العنيفة ضدّ الإحتلال الإسرائيلي. هل أنت من دعاة المقاومة السلميّة أو المسلّحة؟
البرغوثي: من حقّ الشعب الفلسطيني المظلوم المعذّب أن يدافع عن نفسه بكافة الوسائل والأساليب التي يقرّها ميثاق الأمم المتّحدة والقانون الدولي. والمقاومة الشاملة هي الأكثر جدوى وفق رؤية استراتيجيّة تستجمع كلّ عوامل القوّة. وفي كلّ مرحلة، يكون من الحكمة اختيار الوسائل والأساليب المناسبة التي تختلف من مرحلة إلى أخرى، طبقاً للظروف والمعطيات. ولا يجوز إسقاط أيّ شكل منها.
وقد أجمعت الفصائل الفلسطينيّة كافة في وثيقة الأسرى للوفاق الوطني على تركيز المقاومة في الأراضي المحتلّة في العام 1967، وهناك تركيز في هذه المرحلة على المقاومة الشعبيّة في الضفّة والقدس. ومنذ سنوات عدّة يمارس الفلسطينيّون المقاومة الشعبيّة السلميّة، في ظلّ تهدئة تدوم، فماذا كان الردّ الإسرائيلي؟
المونيتور: كثيرون يتحدّثون عن غياب ممكن للرئيس عبّاس. هل ترى نفسك بديلاً محتملاً عنه، إذ إنك تُحظى بتأييد قطاعات كبيرة من أنصار حركة فتح؟
البرغوثي: الشعب الفلسطيني وحده من يختار بحريّة ونزاهة وبانتخابات ديموقراطيّة الرئيس القادم. وعندما يتمّ التوافق وتحديد تاريخ نهائي للإنتخابات المقبلة، سأتّخذ القرار المناسب على الرغم من أنني أشعر بفخر واعتزاز لوفاء الشعب الفلسطيني ولثقته برموزه المناضلة. وأنا أبادل هذا الوفاء بالوفاء، وسأواصل نضالي وكفاحي من أجل أن يُحظى شعبنا بالحريّة والعودة والإستقلال والسلام.
وما يهمّني أولاً وأخيراً هو إنجاز الحريّة والعودة والإستقلال والدولة لشعبي. وقد كرّست حياتي كاملة لتحقيق هذا الهدف وشاركت في النضال والكفاح والمقاومة انطلاقاً من إيمان وقناعة مطلقة بعدالة قضيّتي. وأنا على ثقة بأن الحريّة قادمة آجلاً أم عاجلاً، وبأن زوال الإحتلال أمر حتميّ، ولن يكون مصيره أفضل من مصير نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.
المونيتور: إلى أيّ حدّ تعتبر أن حركة فتح نجحت في تحقيق أهدافها السياسيّة، بعد هذه المسيرة؟
البرغوثي: حركة فتح كانت الردّ الجماعي الفلسطيني الأوّل على كارثة اللجوء وحالة الشتات والقهر. وقد أعادت الهويّة الوطنيّة للشعب الفلسطيني من تحت ركام النكبة، وأعادت بناء الحركة الوطنيّة بقيادة منظّمة التحرير وقدّمت التضحيات الكبيرة وأعادت الشعب الفلسطيني إلى الخارطة السياسيّة في الشرق الأوسط بعد محاولات طمسه وإنهائه وتذويبه.
لكنّ فشل عملية السلام ألحق ضرراً بالغاً جداً بحركة فتح التي عملت بكلّ قوة لإنجاحها والتوصّل إلى إقامة دولة مستقلّة وصنع السلام. ولم تحقّق الحركة هذا الهدف السامي لشعبنا بسبب سياسات الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة، وغياب قيادة إسرائيليّة جادة وراغبة بإنهاء الاحتلال. ففي إسرائيل، لا يوجد بعد "ديغول" الذي أنهى الإستعمار الفرنسي في الجزائر، ولا "دي كليرك" الذي قضى على نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.
إن أمام حركة فتح عدد من التحدّيات الأساسيّة، أبرزها: إنهاء الإحتلال وإقامة الدولة المستقلّة وضمان حقّ العودة للاجئين وتحرير الأسرى، ثم إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة والوحدة الوطنيّة وإرساء نهج الشراكة الوطنيّة على أساس ديموقراطي، وأخيراً تطوير أدائها الداخلي وتعزيز الديموقراطيّة فيها وتحديد أطرها وقياداتها وعقد مؤتمرها السابع خلال العام المقبل.
المونيتور: ما هي وجهة نظرك في ما يتعلّق بما يُسمّى "الربيع العربي"؟ وماذا يعني لك أو للفلسطينيين؟
البرغوثي: الثورات العربيّة الديموقراطية حدث تاريخي كبير في تاريخ الأمّة، التي أكّدت أنها حيّة نابضة وأن أجيالها الشابة لا تقبل الاستبداد والدكتاتوريّة والفساد وكبت الحريات ولا أن تعيش في كنف نظام عربي مشلول وعاجز ومسلوب الإرادة يخضع للتبعيّة والهيمنة الأميركيّة سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
لقد فشل النظام العربي منفرداً ومجتمعاً خلال العقود الماضية في بناء نظام سياسي ديموقراطي، ولذلك عبّرت الثورات العربيّة عن أصالة شعوبنا. وقد شهدنا المرحلة الأولى منها وسقوط عدد من الأنظمة، فيما استفادت أنظمة أخرى وقامت بخطوات إصلاحيّة هامة عبر إقرار دساتير جديدة تنهي عهد الدكتاتوريات والقمع والقهر والإستبداد وتضع أسساً جديدة لنظام عربي ديموقراطي يحترم التعدّدية السياسيّة والدينيّة والفكريّة وسيادة القانون.
إن نجاح الثورات العربية مرهون بإطلاق مشروع بناء نظام ديموقراطي ومؤسّسات لاتّحاد جديد ينهض بالأمة، والتحرّر من الهيمنة والتبعيّة. وسيبقى المحكّ الأكبر والجدّي لنجاح مسيرة الثورات العربيّة والإصلاح الديموقراطي، مساندة الشعب الفلسطيني والمساهمة بتحرير الأرض الفلسطينيّة وقيام الدولة المستقلّة.
المونيتور: كيف تنظر إلى دور كلّ من قطر وإيران ومصر، في ما خصّ القضيّة الفلسطينيّة؟
البرغوثي: هناك تقصير تاريخي وخطير تجاه فلسطين الأرض والشعب والقضيّة والمقدّسات من قبل الدول العربيّة والإسلاميّة، وإن كانت تقدّم دعماً في هذا المجال أو ذاك. فالدعم ما زال قاصراً ولا يرتقي إلى مستوى مواجهة مخاطر العدوان والإحتلال والإستيطان وتهويد مدينة القدس والإعتداء اليومي على المقدّسات.
وعلى الدول العربيّة كافة أن تلعب دوراً جوهرياً وأساسياً في مساندة نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه، بما يعزّز هذا النضال على كافة الأصعدة لإنهاء الإحتلال وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. كذلك يتوجّب عليها أن تلعب دوراً أكبر وبشكل جدّي ونزيه، لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنيّة دائماً؟ وهي مطالبة باستخدام قدراتها وإمكانيّاتها ونفوذها لمصلحة الشعب الفلسطيني ونضاله العادل من أجل الحريّة والعودة والإستقلال.