وضع إجلاء 38 جندياً تركياً من موقع ضريح سليمان شاه في سوريا، من دون خوض أعمال حربية، حداً لمغامرة استمرت 300 يوم وشغلت جدول الأعمال التركي كما الإقليمي. في تركيا حيث تؤدّي كل قضية إلى حدوث استقطاب سياسي، كان محتوماً أن يثير الإجلاء سجالاً بين "حزب العدالة والتنمية" الحاكم والمعارضة. في خضم الصخب الذي أثارته القضية، بالكاد جاء أحدهم على ذكر جنود النخبة الأتراك الذين انتشروا عند الضريح لمدة عام تقريباً معرّضين حياتهم لخطر شديد وسط الكثير من المتاعب والمشقّات، فضلاً عن المحنة التي عاشتها عائلاتهم في تركيا والقلق الشديد الذي تملّكها. علاوةً على ذلك، لم يقدّم أحد شرحاً وافياً للأسباب التي تقف خلف إجلاء الضريح وهجره. بيد أن التجارب التي يرويها بعض ضباط القوات الخاصة الذين انتشروا عند الضريح لمدة 300 يوم تقدّم معلومات وتفاصيل مفيدة في هذا الملف وسواه من الملفات.
قال الضباط الأتراك لموقع "المونيتور" إن وجود "الدولة الإسلامية" في موقع الضريح كان محدوداً خلال الأشهر الأربعة الأولى من انتشارهم، بدءاً من أواخر نيسان/أبريل 2014. بحلول آب/أغسطس الماضي، كان حضور عناصر "الدولة الإسلامية" قد أصبح أكثر وضوحاً وفعالية. في الأشهر الأولى للانتشار التركي، جاء عناصر من "الدولة الإسلامية" إلى الضريح مرات عدة، في محاولة للتواصل مع القوات التركية. وقد كانت سلوكياتهم إيجابية، وقدّموا المساعدة لإيجاد حل لانقطاع التيار الكهربائي في موقع الضريح. لكن مع انطلاق هجمات التحالف الجوية في أيلول/سبتمبر 2014، وصلت وحدة أفضل تدريباً تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" إلى الضريح، وتتألّف في شكل أساسي من مصريين ويمنيين. بحلول نهاية أيلول/سبتمبر، حلّت التهديدات من "الدولة الإسلامية" لموقع الضريح مكان الإيجابية والاعتدال اللذين أظهرهما التنظيم سابقاً.