يحذّر العديد من أصحاب الوكالات التجاريّة والخبراء الاقتصاديّين في غزّة من انتشار حالات الغشّ والتزوير التجاريّ بعد قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ إلغاء الوكالات التجاريّة، والذي يدخل حيّز التنفيذ في بداية نيسان/أبريل المقبل.
مار 28, 2017
مدينة غزّة، قطاع غزّة – حذّر العديد من وكلاء الشركات التجاريّة والخبراء الاقتصاديّين في قطاع غزة من أنّ قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ الفلسطينيّة إلغاء الوكالات التجاريّة والذي يدخل حيّز التنفيذ في 1 نيسان/أبريل المقبل سيفتح المجال أمام حالات الغشّ والتزوير التجاريّ في الكثير من البضائع والعلامات التجاريّة التي يتمّ استيرادها من خارج قطاع غزّة.
وأعلنت وزارة الاقتصاد الوطنيّ في قطاع غزّة في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي عن منحها 6 أشهر إلى أصحاب الوكالات التجاريّة من أجل تصريف ما لديهم من بضائع، تمهيداً إلى إلغاء كلّ الوكالات التجاريّة، وفتح المجال أمام الجميع للاستيراد، بهدف ما أسمته محاربة الاحتكار الذي يقوم به العديد من أصحاب الوكالات التجاريّة، وفي المقابل العمل على فتح باب المنافسة في السوق، ممّا ينعكس إيجاباً على المستهلك جرّاء انخفاض الأسعار.
وأكّد الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة طارق لبد لـ"المونيتور" أنّ الوكالات التجاريّة حسب قانون تنظيم أعمال الوكلاء التجاريّين رقم 2 لسنة 2000، لا تحميها وزارة الاقتصاد الوطنيّ، بل تحميها الجهّة المورّدة من خلال الاستمرار في توريد البضائع إلى الوكيل في شكل حصريّ، وليس إلى غيره من التجّار الآخرين المنافسين.
وبيّن لبد أنّ الهدف من القرار جاء لمنع الاحتكار وتخفيض الأسعار للمستهلك، والتي من المتوقّع أن تهبط بنسبة 20 إلى 50% في الكثير من السلع الاستهلاكيّة، مشيراً إلى أنّ شكوى بعض التجّار من قرار إلغاء الوكالات التجاريّة وترويجهم فكرة أنّ ذلك سيفتح باب الغشّ والتزوير التجاريّ هدفهما استمرار احتكارهم تلك السلع.
وقال لبد: "عدد الوكالات التجاريّة في قطاع غزّة يتراوح بين 40 و50 وكالة تجاريّة، وأصحابها هم الجهّة التي تستورد البضائع من الخارج وبعضهم يتلاعب بالأسعار، في ظلّ حالة الحصار الإسرائيليّ المطبق على غزّة"، مشدّداً على أنّ وزارته هدفها حماية المستهلك في المقام الأوّل.
تسجّل في نشرتنا الإخباريّة
من جانبه، اعتبر الوكيل الحصريّ لـ"دهانات طمبور الإسرائيليّة" في غزّة أحمد أبو شعبان أنّ قرار الوزارة الذي يدخل حيّز التنفيذ خلال الأيّام المقبلة، يضرّ بهم كوكلاء وبتجارتهم التي قاموا بترويجها على مدار سنوات طويلة، مشيراً إلى أنّه وفق الوكالة الممنوحة له، يوفّر أنواع السلع كافّة المتعلّقة بالدهانات وبأسعار مناسبة للمستهلك.
وحذّر في حديثه إلى "المونيتور" من أنّ إلغاء الوكالات سيفسح المجال أمام صغار التجّار للتوجّه إلى أيّ تاجر في أنحاء العالم لشراء بضائع بسعر أقلّ من المورّد الأصليّ للسلعة بهدف التهرّب من الضريبة، وهو ما سيؤدّي إلى تلاعب أولئك التجّار الصغار في الأسعار كونهم يبحثون عن الربح السريع، وبالأسعار التي يضعونها.
ورفض أبو شعبان الهدف الذي أعلنته وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة من قرار إلغاء الوكالات التجاريّة وهو "الاحتكار"، قائلاً: "هدف الوزارة هو جباية الأموال والضرائب من عدد أكبر من التجّار والمستوردين، وما دفعته من ضرائب خلال شهر شباط/فبراير الماضي دليل على ذلك، فقد وصلت الضرائب التي دفعتها إلى وزارتي الاقتصاد الوطنيّ في غزّة ورام الله لبما في ذلك الضريبة على استيراد، إلى 35 ألف شيكل على بضاعة ثمنها 100 ألف شيكل".
وفي السياق ذاته، أكّد التاجر نبيل اليازجي، وهو صاحب وكالة تجاريّة لاستيراد بطّاريّات السيّارات والشاحنات لـ"المونيتور" أنّ الضرر الأكبر الذي حمله قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة سيعود على المستهلك قبل صاحب الوكالة التجاريّة، جرّاء حالة الغشّ والتزييف التجاريّ التي ستعمّ أسواق غزّة.
وأوضح اليازجي أنّ أصحاب الوكالات التجاريّة كانوا في السابق يتحمّلون أيّ مسؤوليّة عن البضائع التي يقومون باستيرادها، أمّا بعد قرار إلغاء الوكالات فلن تستطيع وزارة الاقتصاد الوطنيّ تحديد التاجر الذي أدخل البضاعة الأصليّة أو المقلّدة.
قرار إلغاء الوكالات التجاريّة في غزّة وما حمله من إيجابيّات وسلبيّات، لم يكن الأوّل من نوعه في الأراضي الفلسطينيّة، فقد سبقه قبل ذلك قرار في الضفّة الغربيّة في عام 2012، يقضي أيضاً بإلغاء الوكالات التجاريّة وفتح الباب أمام الجميع للاستيراد، جرّاء ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكيّة.
أمّا مدير العلاقات العامّة في الغرفة التجاريّة الفلسطينيّة ماهر الطبّاع فطالب وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة بضرورة إيجاد حلول تراعي أصحاب الوكالات التجاريّة والمستهلك في آن واحد، محذّراً في الوقت ذاته من أنّ المشكلة الأبرز في ذلك القرار هو حالات تزوير بعض العلامات التجاريّة، وهو ما يتطلّب رقابة عالية من قبل الوزارة والجهّات المعنيّة الأخرى.
وأوضح أنّ الحصار الإسرائيليّ المستمرّ على قطاع غزّة منذ 10 سنوات أفقد العديد من التجّار تصاريح العمل الخاصّة بهم، إضافة إلى فقدانهم الوكالات التي حصلوا عليها من شركات عربيّة وعالميّة، ممّا جعل عدد من يمتلكون وكالات تجاريّة حاليّاً في قطاع غزّة قليلاً جدّاً (قرابة الـ50).
ورفض الطبّاع في حديثه إلى "المونيتور" اعتبار الوكالة التجاريّة احتكاراً، معتبراً أنّ استيراد التاجر الصنف الاستهلاكيّ من المورّد جاء بعد اتّفاقيّات وعقود يراعي فيها مصلحة المورّد والوكيل التجاريّ والمستهلك.
ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزّة معين رجب أنّ ذلك القرار هدفه إشعال حالة التنافس بين التجّار، وهو ما ينعكس إيجاباً على المستهلك الذي سيجد انخفاضاً في الأسعار جرّاء تلك المنافسة، مشيراً إلى أنّ الوكالات التجاريّة كانت سبباً في احتكار بعض السلع الاستهلاكيّة وتحكّم التجّار في أسعارها.
وتوافق رجب مع سابقيه في أنّ أحد أهمّ السلبيّات في قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ إلغاء تلك الوكالات، هو الخوف من تزييف بعض العلامات التجاريّة، وإدخال بضائع رديئة أو مقلّدة إلى الأسواق وبيعها إلى المستهلك على أنّها أصليّة أو جيّدة.
واستبعد رجب أن يفقد الكثير من أصحاب الوكالات التجاريّة وكالاتهم،إذ بإمكان المورد أن يرفض توريد البضائع لغير الوكيل الحصري وذلك لطبيعة العلاقة التي نشأت بين المورّد والوكيل التجاريّ خلال سنوات من العمل بينهما، ناهيك عن قناعة المورّد بأنّ العمل مع الوكيل أكثر استمراريّة من العمل مع التاجر الصغير الذي يمكن له أن يعزف عن الاستيراد في حال تعرّض إلى أيّ خسارة ولو كانت صغيرة.
وعلى الرغم من الجوانب الإيجابيّة والسلبيّة التي حملها قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة إلغاء الوكالات التجاريّة، إلّا أنّ حالة التنافس بين التجّار وانخفاض الأسعار يبدو أنها ستبقى محدودة وليس كما هو متوقّع في ظلّ الحصار الإسرائيليّ على قطاع غزّة، وسماح إسرائيل بإدخال كميّات محدّدة من السلع الاستهلاكيّة إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم.
المزيد من أحمد أبو عامر
المزيد من نبض فلسطين