لو تسنّت الفرصة لشمعون بيريز لسماع خطاب الثناء الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما على قبره لكان قد أصيب بالإغماء. فقد قضى الرئيس الأميركي 25 ساعة من وقته الثمين أمضى معظمها في السفر لحضور جنازة بيريز بعد أن كان قد ألغى جميع مواعيده ليوم الثلاثين من أيلول/ سبتمبر. وقف أوباما أمام نعش بيريز وقال: "في العديد من النواحي، يذكرني بعمالقة القرن العشرين الذين حظيت بشرف لقائهم... قادة لا يستغلونالمواقف الشعبية لصالحهم، بل يتحدثون بعمق ومعرفة دون الحاجة إلى التسجيلات الصوتية. قادة لا يستغلون استطلاعات الرأي والمواقف التي قد تخدم قناعاتهم... حتّى لو كان ذلك على حساب الآراء الشائعة في وقتها." وقد وجّه أوباما حديثه لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي كان جالسًا إلى جانبه في الصفّ الأمامي. حتّى بيريز نفسه لم يكن ليقول ذلك بشكل أفضل.
خلال العام الماضي، كانت الكآبة الشديدة قد بدأت تسيطر حتى على بيريز المعروف بتفاؤله الدائم. فقد أدرك أنّ حلم السلام الذي سعى من أجل تحقيقه لجيل كامل يتمّ تبديده ودفنه في طيّات التاريخ الأكثر سوادًا. في حديث مع المونيتور في منزله في تل أبيب في 11 كانون الأوّل/ ديسمبر 2015، شرح رجل الدّولة الخطوط العريضة لخطّة السلام النهائية التي كان قد وضعها. قبل ذلك بدقائق، اتّصل بوزير الخارجيّة الأميركي جون كيري متمنّيًا له عيد ميلاد سعيد. قبل ذلك ببضعة أيام، كان كيري قد وجّه خطابًا شديد اللهجة لإسرائيل حذّر فيه من العواقب التي قد تنتج عن سياسياتها في الأراضي المحتلة.