تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بعد صيام سنتين... هل تدفع الإنتخابات البلديّة إلى إنتخابات رئاسيّة؟

كشفت الإنتخابات البلديّة الّتي أجريت في لبنان طيلة شهر أيّار/مايو من عام 2016 أمرين إثنين أساسيّين: أوّلاً، أنّ الإنتخابات النيابيّة المؤجّلة منذ ثلاثة أعوام ممكنة، لا بل واجبة الإجراء. وثانياً، أنّ كلّ الأحزاب اللبنانيّة في أزمات عميقة مع قواعدها. فهل يمكن لهاتين النتيجتين أن تدفعا صوب إنتخاب رئيس بعد سنتين ونيّف على الشغور الرئاسيّ، على خلفيّة محاولة هروب السياسيّين من أزماتهم؟
RTSECJ8.jpg
اقرأ في 

لم يحصل في لبنان أن وصل رئيس بلديّة إلى موقع حكوميّ رفيع أو إلى رئاسة الجمهوريّة، كما هي حالات جاك شيراك في فرنسا أو أحمدي نجاد في إيران أو رجب طيّب أردوغان في تركيا أو إيهود أولمرت في إسرائيل أو سواهم، لكنّ المفارقة في بيروت اليوم، تتمثّل في السؤال ما إذا كانت الإنتخابات البلديّة ستؤدّي فعلاً إلى إنتخاب رئيس للجمهوريّة، بعد أكثر من سنتين على شغور موقع الرئاسة اللبنانيّة؟ فعلى مدى أربع مراحل ممتدّة على أربعة أسابيع، بين 8 أيّار/مايو من عام 2016 و29 منه، شهد لبنان حصول إنتخابات بلديّة وإختياريّة عامّة، وهو حدث يطاول شريحة هائلة من اللبنانيّين. ففي بلد الأرز هناك نحو 1015 بلديّة موزّعة على المدن والبلدات والقرى حتّى الصغيرة منها، هذا فضلاً عن مخاتير الأحياء، وهو ما يجعل من هذا الإستحقاق عمليّة تعبويّة مكثّفة تطاول أكثر من 30 ألف مرشّح، وبالتّالي أكثر من 30 ألف بيت لبنانيّ معنيّ مباشرة بهذا الإستحقاق، وهو ما يعطي هذه المناسبة ديناميّة خاصّة في الواقع اللبنانيّ تساعد على كشف الكثير من أمزجة اللبنانيّين وميولهم وتطلّعاتهم. وما زاد في الطابع التعبويّ لتلك الإنتخابات، أنّها جاءت بعد ثلاث سنوات على تطيير الإنتخابات النيايّة، عبر تمديد مجلس النوّاب لنفسه مرّتين متكرّرتين بعد إنتهاء ولايته في حزيران/يونيو 2013. هكذا أضيف توق اللبنانيّين إلى الإقتراع، إلى الطابع التعبويّ الكبير للإستحقاق البلديّ والإختياريّ، لتصبح هذه المحطّة مؤشّراً جديّاً لا بد من قراءة دلالاتها ومعانيها. وفي طليعة هذه الدلالات أمران إثنان أساسيّان:

أوّلاً: لقد أكّد استحقاق أيّار/مايو اللبنانيّ هذا، أنّ أيّ إنتخابات ممكنة الإجراء في لبنان اليوم، وأنّ كلّ الذرائع السياسيّة والأمنيّة الّتي قدّمت من أجل إلغاء الإنتخابات النيابيّة مرّتين متتاليتين كانت غير مقنعة وغير صحيحة، لا بل أكثر من ذلك، يرى البعض أنّ مجرّد حصول الإنتخابات البلديّة والإختياريّة في أيّار/مايو من عام 2016، أدّى فعليّاً وقانونيّاً إلى سقوط مفاعيل التمديد للمجلس النيابيّ الحاليّ، لا في المعنى السياسيّ المجازيّ للقول، بل حتّى في المعنى القانونيّ والدستوريّ. وإنّ وزير الداخليّة السابق والمحامي المتخصّص في القانون الإنتخابيّ والدستوريّ زياد بارود، هو من أصحاب هذا الرأي، وقال لموقعنا: "حين مدّد مجلس النوّاب لنفسه في المرّة الثانية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2014، تقدّم عدد من النوّاب الرافضين لهذه الخطوة، بطعن فيها أمام المجلس الدستوريّ اللبنانيّ، وهو السلطة القضائيّة العليا المخوّلة البتّ في دستوريّة القوانين. وفي 28 من الشهر نفسه، أصدر المجلس الدستوريّ قراراً يعتبر أنّ التمديد للمجلس جاء نتيجة تقدير السلطات الحكوميّة بعدم القدرة على إجراء إنتخابات في لبنان في الأوضاع الراهنة. ولذلك، غطّى المجلس عمليّة التمديد تلك بالإستناد إلى نظريّة الظروف الإستثنائيّة الّتي تبرّر للحكومة عدم إجراء الإنتخابات، لكنّ قرار المجلس الدستوريّ نفسه اعتبر "أنّ التدابير الإستثنائيّة ينبغي أن تقتصر على المدّة الّتي توجد فيها ظروف استثنائية فقط". وأنّ على الحكومة اللبنانيّة "إجراء الإنتخابات النيابيّة فور إنتهاء الظروف الإستثنائيّة وعدم انتظار إنتهاء الولاية الممدّدة". ولذلك، رأى زياد بارود أنّ مجرّد إجراء الإنتخابات البلديّة في أيّار/مايو من عام 2016، يعني أنّ التمديد للمجلس النيابيّ صار باطلاً، وأنّ على الحكومة المسارعة إلى إجراء إنتخابات نيابيّة فوراً ومن دون أيّ تأخير.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.