تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ماذا يريد مقتدى الصدر؟

يستغل مقتدى الصدر حركة الاحتجاجات الحاضرة في توسيع دائرة نفوذه ومن ثم تحويله الى زعيم بلا منازع في الساحة السياسية العراقية.
RTX2C8AV.jpg
اقرأ في 

شغل مقتدى الصدر حيّزاً كبيراً في مذكّرات بول بريمر الحاكم المدنيّ الأميركيّ في العراق خلال عامي 2003 و2004، إذ كان يصعب فهم ما يريده ولا تسهل طريقة التّعامل معه على خلاف المعارضين الآخرين للولايات المتّحدة الأميركيّة في العراق. وبعد أكثر من عقد، ما زال الصدر الزعيم السياسيّ المشاكس، الّذي يفاجئ متحدّيه ومنافسيه على حدّ سواء بقراراته غير المرتقبة. يمتلك الصدر قاعدة شعبيّة واسعة بين الجماهير الشيعيّة، ولديه إنتماء عائليّ إلى أسرة دينيّة متنفّذة في الأوساط الشعبيّة، والّتي راح منها زعيمان دينيّان كبيران ضحيّة على يدّ نظام صدّام حسين، وهما: محمّد باقر الصدر (1935 - 1980) ومحمّد صادق الصدر (1943 - 1999). وقد وفّر له ذلك رصيداً إجتماعيّاً كبيراً، مكّنه من الحصول على ثقل كبير يغيّر المعادلات السياسيّة في شكل غير مرتقب ويفرض إرادته في العمليّة السياسيّة. وبهذا الرصيد والثقلين السياسيّ والإجتماعيّ، تخلّص الصدر من مذكّرة اعتقال صدرت في حقّه عام من قبل قاضي في محكمة النجف عام 2003 بتهمة تورّطه في مقتل الزعيم الشيعيّ البارز السيّد عبد المجيد الخوئي، واستطاع إيقاف محاولات إلقاء القبض عليه من قبل قوّات الإحتلال بعد تورّطه في مقتل عدد منها ضمن المقاومة المسلّحة، جيش المهدي، الّتي شنّها ضدّها. لم تتمكن قوات الإحتلال من القبض عليه نظراً لشعبيته في الشارع الشيعي. بعد ذلك، توجه الصدر إلى إيران وبقي هناك حتى عام 2011.

 وكان تيّار الصدر بيضة القبّان في صعود نوري المالكي في الدورتين الأولى والثانية من رئاسته للوزراء، حيث وقف بجانبه ضدّ مرشّحي الكتل الأخرى ضمن الإئتلاف الوطنيّ العراقيّ المكلّف بترشيح رئيس الوزراء آنذاك، وكان من المساهمين البارزين في المنع من تولّيه لدورة ثالثة في عام 2014. وبعد صعود حدّة المظاهرات الشعبيّة في المدن الشيعيّة ضدّ الفساد في الحكومة وسوء إدارتها في منتصف عام 2015، وقف الصدر بجانب المتظاهرين، مطالباً الحكومة العراقيّة بالإصلاح، هذا في حين أنّ التيّار الصدريّ الّذي يتزعّمه يمتلك 34 مقعداً من مجموع 328 مقعداً في البرلمان العراقيّ، و43 مقعداً من مجموع 440 مقعداً في المجالس المحليّة، و3 وزارات مهنيّة وخدميّة أساسيّة في الحكومة الحاليّة تشمل: وزارة الصناعة، وزارة البلديّات ووزراة الإعمار والإسكان. وعليه، فإنّ تيّار الصدر هو مساهم أيضاً بدوره في الفساد والفشل الّلذين يتظاهر أتباعه مع محتجّين آخرين ضدّهما، فهو مشارك في الحكومة ومعارض لها في الوقت نفسه، ولكن تبنّيه لحركة الاحتجاجات وتوفير الدعمين السياسي ّوالأمنيّ لها غطّى على ذلك كلّه، بل وفّر له رصيداً إجتماعيّاً أكبر باعتباره زعيماً معارضاً للحكومة يحظى باحترام الشارع العراقيّ بمختلف توجّهاته بما فيه العلمانيّون ذوو التوجّهات غير الدينيّة. وبهذا، تحوّلت حركة الاحتجاجات المدنيّة إلى حركة احتجاجات صدريّة بعد دعم الصدر لها.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.