تفشل الطّائفيّة في شرح الاضطراب الحالي في العالم العربي. في الواقع، إنّ العدسة الطّائفيّة التي يُنظَر عبرها إلى الانقسام السّني الشّيعي تزيد من غموض الوقائع المعقّدة على الأرض بدلاً من توضيحها، وهي تخفي التّغيرات السّياسيّة والاقتصاديّة الصّعبة التي انتشرت في هذه المنطقة، ناهيك عن التّدخّلات الأجنبيّة المستمرّة وتأثيراتها. صحيح أنّ الهويات الدّينيّة تبقى بارزة، لكنّ الطّائفيّة أمر مختلف تمامًا: هي التّسييس المميت لهذه الهويّات الدّينيّة.
وإذا أردنا تقدير سبب تحوّل الجزء الأكبر من العالم العربي بشكل متزايد إلى أرض قاحلة يمزّقها العنف المرتكب باسم الهويّة الطّائفيّة والتّضامن الطّائفي، علينا التوجّه إلى الوقائع المخفيّة التي يرفض معظم المراقبين رؤيتها.