يمضي لبنان مع نهاية عام 2014، الأربعاء في 31 كانون الأوّل/ديسمبر، يومه الـ221 من دون رئيس للجمهوريّة، أي أكثر من نصف سنة، بلا انتخاب لمن يصفه الدستور اللبنانيّ بأنّه "رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن". ومع ذلك، يدخل لبنان سنة 2015 بأمل أكبر، وبمناخ أكثر إيجابيّة وتفاؤلاً، حيال إيجاد حلول لأزماته، لا لشيء، إلّا لأنّ مسارين حواريّين قد انطلقا في بيروت، ولأنّ الحوارين المقصودين مرتبطان على ما يبدو، بنيّة سعوديّة في الحلحلة لبنانيّاً.
الحوار الأوّل الذي بدأ في 23 كانون الأوّل/ديسمبر في بيروت، هو بين "تيّار المستقبل" الذي يقوده رئيس الحكومة السابق سعد الدين الحريري، وبين حزب الله. وهو لذلك حوار بدلالات كثيرة. فهو أوّلاً حوار مباشر بين الفريقين الأساسيّين لدى كلّ من السنّة والشيعة في لبنان. لكنّه في الواقع، يحمل أبعاداً أوسع من الإطار اللبنانيّ. فحزب الله منخرط في الكامل في الحرب الدائرة في سوريا، وهو على علاقة بنيويّة بطهران، فيما الحريري معنيّ مباشرة أيضاً بقسم من المعارضة السوريّة التي تقاتل ضدّ نظام بشّار الأسد، وعلاقته بالنظام السعوديّ عضويّة ومطلقة، حتّى أنّه يحمل جنسيّته، ويعيش في غالب أيّامه في السعوديّة. هكذا يصير الحوار بين فريقين لبنانيّين داخليّين، حواراً غير مباشر أو بالواسطة، بين الرياض وطهران، أو حتّى بين السنّة والشيعة، في لحظة التوتّر المذهبيّ القصوى بين الجماعتين، على مستوى المنطقة برمّتها.