صعيد مصر - كلّ شيء يتغيّر في مصر، إلاّ في قرية بندار الغربيّة، فهناك تتوقّف عقارب السّاعة عند الوجوه السمراء والبيوت الفقيرة والدكّات الخشبيّة التي تشبه أريكة عارية كأنّها بنيت مع المنازل المصنوعة من الطين أو القرميد الأحمر في شوارع ترابيّة غير معبّدة، وبجانبها تجري مياه التّرعة. وعند المساء، تتحوّل هذه المقاعد إلى المكان الوحيد الذي يجلس عليه الرّجال للتّسامر... ففي قرية بندار الغربيّة لا مقاهي شعبيّة أو متنزهات، ولا زيّ مدرسيّاً. لقد استغرقت الرّحلة بالقطار للوصول إلى القرية، ثماني ساعات، إذ أنّها تقع في مركز جرجا في محافظة سوهاج بصعيد مصر، لكنّك سرعان ما تنسى التّعب، حين ترى الحبّ الذي يغمرك فيه أهالي القرية، سواء أكان من رجالها أم من نسائها اللّواتي غالباً ما ينتظرن داخل "الحوش" أيّ السّاحة الداخليّة للمنزل.
هنا، ينتشر التّعصب للعائلة والثأر في حال مقتل أحد أفرادها، ولكنّها ليست السمة الوحيدة، كما تظهرها الدراما المصريّة. كما أنّ الجلباب الشعبيّ ليس الزيّ الوحيد، فهناك نساء يرتدين السراويل، وأخريات يضعن النّقاب باعتباره نوعاً آخر من الزيّ المعاصر.