تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الجيش اللبنانيّ مستهدف: اللبنانيّون يحبسون أنفاسهم

Lebanese army soldiers march during a military parade to celebrate the 65th anniversary of Lebanon's independence day in downtown Beirut November 22,2008.      REUTERS/Jamal Saidi      (LEBANON) - RTXAUIN
اقرأ في 

بشيء من حبس الأنفاس، بين القلق والتكتّم، تداول اللبنانيّون في اليومين الماضيّين، الشريط المصوّر الذي يظهر تسجيلاً لشخص يدّعي أنّه مجنّد في الجيش اللبنانيّ، ويعلن انشقاقه عنه والتحاقه بتنظيم "جبهة النذصرة" التّابع لتنظيم "القاعدة". وفي الوقائع، يعيش اللبنانيّون منذ أعوام، وخصوصاً بعد اندلاع الحرب في سوريا وتورّط أكثر من طرف لبنانيّ فيها، حالاً من التوتّر المذهبيّ الشديد، حتّى أنّ معظم الاشتباكات والاضطرابات الأمنيّة التي شهدها لبنان منذ ستّة أعوام على الأقلّ، كانت على خطوط التماس المذهبيّة: اشتباكات 7 أيار 2008 في بيروت وبعض المناطق الأخرى بين مسلحين سنّة وآخرين شيعة، كما بين دروز وشيعة، اشتباكات طرابلس طيلة تلك الأعوام كلّها، بين مسلّحين سنة وآخرين علويّين، ظاهرة الشيخ السلفيّ السنيّ أحمد الأسير في صيدا، عاصمة الجنوب اللبنانيّ، واشتباكات مسلّحيه المتقطّعة مع مسلّحين شيعة، حتى ضربه من قبل الجيش اللبنانيّ وهربه في 24 حزيران 2013. وصولاً إلى سلسلة احتكاكات متفرّقة لم تخل منها أيّ منطقة لبنانيّة. وفي شكل متزامن مع تلك الحال الهشّة والمتوتّرة، كانت القوى السياسيّة والمرجعيّات الروحيّة في معظمها، تحرص على اعتماد خطاب سياسيّ وإعلاميّ هادئ، يسعى إلى تخفيف أجواء الفتنة السنيّة – الشيعيّة، ويحرص خصوصاً على تحييد المؤسّسات الأمنيّة والعسكريّة الرسميّة، عن تلك الأجواء الانقساميّة، غير أنّ هذا الحرص لم يمر من دون استثناءات، إذ سجّلت في تصاريح بعض السياسيّين ورجال الدين، خصوصاً من السنّة المتشددين، جملة انتقادات للجيش اللبنانيّ الذي يعتبره كثيرون، كما الجهات الدوليّة المعنيّة بالوضع في لبنان، ضمانة لوحدة البلد واستقراره النسبيّ ومنع تفجّره في الظروف الإقليميّة الرّاهنة. وفي هذا السياق، جاءت مواقف الشيخ السلفيّ أحمد الأسير نفسه، الذي اعتمد ولا يزال عبر أشرطة مصوّرة أو عبر رسائل مجهولة المصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، خطاباً عدائيّاً حيال الجيش، والأمر نفسه لجأ إليه عدد من أعضاء البرلمان السنّة من منطقة الشمال، والقريبين من رئيس الحكومة السّابق سعد الحريري.. كذلك فعل بعض المشايخ السنّة من السلفيّين في الشمال أيضاً. وفي الفترة الأخيرة، ارتفعت وتيرة هذه الانتقادات السنيّة الأصوليّة للجيش اللبنانيذ. وعلى سبيل المثال، عقد نواب طرابلس وبعض نوّاب عكّار السنّة، مؤتمراً صجافيّاً في 10 تمّوز، أطلقوا فيه سلسلة انتقادات للجيش اللبنانيّ، على خلفيّة التوقيفات التي تنفّذها القوى الأمنيّة الرسميّة في الشمال، بحقّ مطلوبين للقضاء بارتكابات أمنيّة مختلفة. ولوحظ أنّ النواب القريبين من الحريري استخدموا في مؤتمرهم المذكور عبارات مذهبيّة واضحة مثل قولهم إنّ "الاضطهاد الأمنيّ للطائفة السنيّة سيؤدّي إلى ردّات فعل غير محسوبة النتائج". كما تحذيرهم للقضاء اللبنانيّ من خطورة نتائج أيّ ادعاء قضائيّ "على كلّ من يتمّ توقيفه من الطائفة السنيّة". مروراً باتّهام القوى الأمنيّة الرسميّة من جيش وأجهزة، بتعذيب الموقوفين السنّة، وفق مزاعم النوّاب المذكورين...

وفي هذه الأجواء الانقساميّة، ظهر الخبر المشار إليه، ومفاده أن مجنّداً في الجيش اللبنانيّ، اسمه عاطف سعد الدين، وهو سنيّ من قرية في عكّار - شمال لبنان، أعلن انشقاقه عن المؤسّسة العسكريّة الوطنيّة والتحاقه بتنظيم "جبهة النصرة" في منطقة عرسال بالذّات، وهي المنطقة الواقعة وسط البقاع اللبنانيّ، على الحدود مع سوريا، والتي تشهد منذ أكثر من عامين، سلسلة اشتباكات بين مؤيّدي النّظام السوريّ ومعارضيه. كما شهدت أكثر من اشتباك مع الجيش نفسه، أدّى إلى سقوط ضحايا عدّة من عسكريّين ومدنيّين. وشكّل الخبر صدمة لكثيرين تجسّدت بالصمت الكامل. فبعد مرور أكثر من 48 ساعة على ظهور الشريط المسجّل، لا تزال الجهات الرسميّة تلتزم الصمت حياله. فيما أكّدت أوساط وزاريّة لموقعنا، أنّ "المسألة طرحت للبحث على كلّ المستويات. ويتمّ التّعامل معها بالقدر الكافي من الجديّة، كما التحفّظ والسريّة". وكشفت الأوساط نفسها "أنّ اتفاقاً توصّل إليه الرسميّون بالردّ على ما حصل، بشكل غير مباشر، وذلك عبر تكثيف الكلام الرسميّ والشعبيّ، خصوصاً من قبل المسؤولين الحكوميّين والدينيّين من الطائفة السنيّة، على أهميّة الجيش ووطنيّته وضرورته القصوى لحماية كلّ لبنان واللبنانيّين في هذه المرحلة". وهو ما ورد في كلام وزير الداخليّة نهاد المشنوق، وهو أحد أبرز أركان تيار "المستقبل" السنيّ، وما ورد أيضاً في كلام وزير الإعلام عقب جلسة مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، السنيّ أيضاً، في 24 تموز. وهذا ما تمّ الاتفاق على رفع مستواه في الأيّام المقبلة، ليبلغ ذروته مع مناسبة عيد الجيش في الأوّل من آب، بحيث يشكّل الاحتفال بهذا اليوم فرصة لتظهير أكبر إجماع وطنيّ، وخصوصاً سنيّ، سياسيّ، دينيّ، وشعبيّ، حول الجيش ودوره.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.