تعقد في الثالث والعشرين من الشهر الحاليّ الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة، ويكون قد مضى شهران على الفراغ في سدّة الرئاسة. لم تفلح كلّ الجهود التي بذلت حتّى اليوم على أكثر من جبهة داخليّة أو خارجيّة في التوصّل إلى تسوية تعيد الانتظام إلى الحياة المؤسّساتيّة. وما زاد الأمور تعقيداً أنّ الأزمة السياسيّة فتحت الباب أمام أزمة دستوريّة، وتحوّل الخلاف السياسيّ الحادّ إلى خلاف حول بنود الدستور وتفسيره. وأسوأ ما في الأمر أنّ الاحتكام إلى المؤسّسات لم يعد هو الطريق إلى حلّ النزاعات، إنّما امتدّ الخلاف إلى تباين حول تفسير أحكام الدستور.
وفق معلومات حصل عليها "المونيتور"، يجهد البطريرك المارونيّ، وهو المعترض الأوّل على الفراغ، والذي لم يفوّت فرصة إلاّ وكرّر المطالبة بانتخاب رئيس، وحثّ النوّاب على القيام بواجبهم لجهّة التوجّه إلى مجلس النوّاب والإدلاء بأصواتهم، إلى تجاوز هذه العقبة الدستوريّة. وهو في معرض درس مبادرة تعيد الأمور إلى نصابها وتعيد للمؤسّسات دورها التحكيميّ. ولا عجب في ذلك، فالبطريركيّة المارونيّة على مسافة واحدة من الأفرقاء المتصارعين كافّة، وقد تكون موكلة اليوم بإنقاذ الجمهوريّة، بعدما فشل الأفرقاء السياسيّون في تجاوز أزمتهم، وهي التي كان لها الدور الأساس في إنشائها عام 1920.