رغم الخلافات السياسيّة التي نشأت بين "حزب الله" و"حماس" على خلفيّة الموقف من الثورة السوريّة منذ نحو عامين، وأدّت إلى القطيعة بينهما وتبادل الاتّهامات السياسيّة، إلاّ أنّ التّعاون بين الجناحين العسكريّين للحزب و"حماس" لم ينقطع. وسبب ذلك أنّ هذا التعاون دخل نوعاً من المأسسة، والفضل هنا يعود إلى المسؤول السابق لكتائب القسّام أحمد الجعبري الذي قتلته اسرائيل خلال حربها على غزّة في عام ٢٠١٢. والجعبري هو من حيّ الشجاعيّة ذاتها التي شهدت خلال الحرب الأخيرة أعنف جولات القتال، وكان لافتاً خلال تغطية فضائيّة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" للحرب الرّاهنة في غزّة، تركيزها على إظهار صورته على شاشتها، كإشارة رمزيّة إلى أنّ الحزب موجود في الخبرة العسكريّة الحماسيّة التي تنال هذه الأيّام إعجاب الشارع العربيّ. وشددت مصادر موثوقة في كلّ من "حماس" و"حزب الله" على أنّ تبادل التّعاون العسكريّ بين جناحيهما العسكريّ ظلّ قائماً فترة القطيعة التي مرّت بها العلاقات السياسيّة بين الطرفين.
ولم يكن لهذه العلاقة الوثيقة بين جناحي "حماس" والحزب العسكريّين، أيّ تعبير مماثل لها خلال السنوات الثلاث الأخيرة بين القيادتين السياسيّة للطرفين، فرئيس المكتب السياسيّ للحركة خالد مشعل أدار ظهره بعد خروجه من دمشق لمحور الأسد - خامنئي - نصر الله ، وانخرط بحسب اتّهامات الحزب له، في مشروع التّنظيم الدوليّ للاخوان المتحمّس لإسقاط النّظام السوريّ وإيصال فروعه التنظيميّة إلى السلطة في بلدان الثورات العربيّة. وخلال معركته في القصير دعم الحزب اتّهاماته الآنفة لحماس، بدلائل تؤكّد اشتراكها مع مسلّحي المعارضة السوريّة بالقتال ضد جيش النظام السوريّ. وبعض تقنيّات القتال التي كان الحزب نقلها لها ايّام التحالف بينهما، استخدمتها "حماس والمقاتلون المنتسبون إلى الحركة في القصير ضد قوّات "حزب الله" المساهمة في اقتحام البلدة. كما استنتجت قراءة الحزب العسكريّة لهذه المعركة أنّ الآلات التي استخدمها مسلّحو المعارضة لحفر الأنفاق في القصير هي عينها تلك الآلات التي زوّد بها الحزب "حماس" لتستعملها في تحصينات قطاع غزّة.