"الشرعيّة التوافقيّة" هي المصطلح الأقرب إلى قلب الأحزاب اليمنيّة منذ العام 2010، عندما وقّعت أحزاب المعارضة المنضوية تحت مظلة تحالف ما يُعرف بأحزاب اللقاء المشترك اتفاقيّة مع حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة رئيس الدولة اليمنيّة آنذاك علي عبدالله صالح، واقتضى بموجبه تأجيل انتخابات مجلس النواب اليمني منذ العام 2003 حتى تتمّ مراجعة وإصلاح النظام الانتخابي واللجنة العليا للانتخابات. وكانت الثورة التي انفجرت في العام 2011 قد انتهت بمبادرة خليجيّة أسفرت عن رئيس توافقي [عبد ربه منصور هادي] وحكومة وفاق وطني، لنعود مجدداً إلى مفهوم الشرعيّة التوافقيّة الذي يفترض من تسميته التوصّل إلى اتفاق بين أطراف مختلفة. لكن ما لبثت أن قامت صراعات مختلفة مثلما حدث في اتفاق العام 2010 الذي لحقه انفجار الصراع السياسي في العام 2011. ولم تستطع المبادرة الخليجيّة التي تم توقيعها في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 من تحقيق الحد الأدنى من تطلعات الناس أو تبريرات النخبة لعورات هذا الاتفاق. وعلى الرغم من ذلك، تمّ تمديد المرحلة الانتقاليّة التي كان يفترض أن تنتهي في شباط/فبراير 2014، تحت مبرّر التوافق السياسي وإن المرحلة الانتقاليّة مهام وليست زمناً.
المبادرة الخليجيّة خفّضت من سقف الحدث اليمني في العام 2011، من ثورة أو حتى انتفاضة شعبيّة إلى أزمة كما ذكرت الاتفاقيّة. وقد لقيت معارضة كبيرة من بعض الشباب المستقل والحزبي بحكم أنها تلغي الفاعل الشعبي في الحدث وتحشرها في زاوية الخلاف السياسي بين الأحزاب اليمنيّة، بالإضافة إلى منحها حصانة قانونيّة لكل من ارتكب جرائم طيلة حكم الرئيس صالح على مدى ثلاثة عقود. لكن تمريرها تمّ برضا شعبيّ تحت ضغط الوضع المعيشي المزري بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وصعوبة الحصول على المياه وأزمات البنزين والديزل المتكرّرة أو المستمرة. هذا كله يعني أن توفير الخدمات الأساسيّة للمواطنين هو الحد الأدنى المطلوب للحفاظ على شرعيّة أي حكومة. وفي الحالة اليمنيّة كان توفير هذه الخدمات هو المرتكز الشعبي الأساسي لقبول المبادرة، لذا استمرار أزمات الكهرباء والمياه والبنزين يثير التساؤل حول مدى شرعيّة الحكومة الحاليّة وكذلك حول العائق لتوفير هذه الخدمات.