أتى الإعلان عن قيام حكومة إقليم كردستان بتصدير النفط بشكل مستقلّ عن الحكومة العراقيّة، محاولة لفرض أمر واقع جديد على الأرض، قبل الشروع بالمفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة العراقيّة الجديدة. لكن هذه الخطوة ستترك آثارها على المفاوضات، التي تتعدى العلاقات بين بغداد وإربيل. فهذه الخطوة لم تؤدّ فقط إلى ازعاج رئيس الوزراء نوري المالكي الذي وصفها بعمليّة سرقة للنفط، بل خلّفت أثراً سلبياً حتى بين بعض القوى التي تمتلك علاقات جيّدة مع الأكراد. فقد صرّحت نائبة في ائتلاف متّحدون الذي يتزعّمه رئيس البرلمان أسامة النجيفي، بأنه لا يمكن لأحد القبول بتصدير النفط بشكل أحادي من قبل إقليم كردستان. ويبدو أن العديد من السياسيّين السنّة، خصوصاً أولئك الذين يمثّلون المناطق المتنازع عليها مثل كركوك، يشعرون بالإحراج من رفع الأكراد سقف مطالبهم وتصرّفهم بشكل أحادي. فقد أخبر أحد هؤلاء السياسيّين "المونيتور" بأن الخطوة الكرديّة كانت مفاجئة وأربكت معظم القوى السياسيّة العراقيّة، خصوصاً بعد أن تبعتها تصريحات من القيادي الكردي عارف طيفور نائب رئيس البرلمان، دعا فيها إلى ضم كركوك إلى إقليم كردستان بعدما أثبتت الانتخابات أن الأكراد الذين حصلوا على معظم المقاعد البرلمانيّة المخصّصة للمحافظة هم غالبيّة سكان كركوك.
ويعتقد المسؤولون الأكراد أن حكومة المالكي لم تلتزم بالوعود التي قطعتها لهم عند تشكيل الحكومة الحاليّة بموجب اتفاقيّة إربيل، وأنها اتخذت مواقف متشدّدة تجاه مطالبهم تمثّلت في الشهور الأخيرة بإيقاف دفع موازنة إقليم كردستان بسبب خلافات الطرفَين حول السياسة النفطيّة والعقود التي وقّعها إقليم كردستان مع شركات نفطيّة دوليّة من دون مشاورة الحكومة العراقيّة. ويبدو أنهم قرّروا أن يضعوا سقفاً عالياً قبيل التفاوض مع القوى العراقيّة الأخرى على تشكيل حكومة جديدة، وكذلك فرض أمر واقع عبر تجاوز رفض بغداد لتصدير الإقليم لنفطه بشكل مستقل، على أمل أن تؤدّي حاجة المالكي أو أي من منافسيه إلى الدعم الكردي إلى مسايرة الوضع الجديد.