لبنان اليوم على فوهة بركان. والأمر لا يتعلق بالإرهاب المتنقّل على وقع الحرب السوريّة ولا بتلك الحرب الطائفيّة التي امتدت نيرانها إلى لبنان. فالبلد الصغير مهدّد بثورة اجتماعيّة رأينا مؤشراتها منذ أيام عبر التحرّكات المطلبيّة التي عمّت الشوارع وشلت الحركة. فالأمور معلّقة في مجلس النواب، وهو أمام خيارَين أحلاهما مرّ. فإما أن يستجيب لمطالب النقابات المحقّة القاضية برفع سلسلة الرتب والرواتب ويكون الوقع كارثياً على الاقتصاد اللبناني، أو يرفض الرضوخ لضغوط الشارع حفاظاً على ما بقي من مقوّمات اقتصاديّة فتنفجر ثورة شعبيّة.
الأمر كان متوقعاً. لم يكن لسياسة الهروب إلى الأمام والاستدانة في ظل غياب النموّ، أن تستمرّ إلى ما لا نهاية. واصطدمت أخيراً بحائط مسدود بعدما تنامى العجز وتراكم الدين في غياب دخل يغطيه، وذلك للسنة الثالثة على التوالي. في هذا الوقت، تآكلت القدرة الشرائيّة للمواطن وضاقت به الدنيا ودفعه اليأس إلى الشارع. حاولت الحكومة السابقة شراء الوقت عبر إقرار سلسلة جديدة للرتب والرواتب ورفعها إلى مجلس النواب قبيل استقالتها. وكانت هذه بداية الخطأ. ليس لأن المطالب ليست محقّة إنما لأن الأموال لم تكن متوفّرة لا في الخزينة ولا في الاقتصاد. وعبثاً يحاول اليوم مجلس النواب إيجاد تمويل لسلسلة باهظة التكاليف. فالموارد جفّت. أما اللجوء إلى الضرائب، فسوف يقود إلى نتائج عكسيّة، أي إلى شح العائدات وتنامي العجز.