قد يبدو الإلحاد ظاهرة غريبة في بلد يُعَدّ من أكثر البلدان تديناً، إذ إن درجة الاهتمام بالدين فيه عالية جداً. لكنك تجد هناك من يعرّف نفسه بالملحد ويطالب بضمان حقوقه وفقاً للقرارات الأمميّة المطالبة بضمان حريّة المعتقد. لقد أظهرت دراسات ميدانيّة سابقاً وجود تيار لا ديني متنامي في البلد، ما يدلّ على أن وتيرة انتشاره قد تسارعت بشكل ملفت للنظر.
إن للهرطقة والزندقة تاريخ طويل في بلاد ما بين النهرين. فقد أنشد الحكيم العربي الشهير أبو العلاء المعري (توفي في العام 1058) قبل ألف عام تقريباً دفاعاً عن عدم اعتقاده بالأديان: "إذا سألوا عن مذهبي فهو بيّن وهل أنا إلا مثل غيري أبله". من جهته، وضع ابن الراوندي (توفي في العام 911) قسماً من كتبه في بغداد للردّ على القرآن. وقد ألّف إخوان الصفا (القرن الثالث) في مدينة البصرة، رسائلهم المتضمّنة لرؤى نقديّة للمعتقدات الإسلاميّة. أما الباحث والشاعر العراقي المعاصر معروف الرصافي، فقد فنّد الرؤية الدينيّة لحياة النبي محمد في كتابه "الشخصيّة المحمديّة" في مدينة الفلوجة المشهورة في العراق باسم مدينة المساجد، نظراً لكثرة المساجد فيها نتيجة تنامي التديّن فيها بشكل كبير.