تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Prospects and challenges facing Lebanon’s banking sector

Lebanese riot police stand guard at the Lebanese Central Bank in Beirut February 25, 2013. An open-ended strike by teachers and civil servants entered its second week today for the government to approve the wage hike proposal. REUTERS/Mohamed Azakir (LEBANON - Tags: POLITICS CIVIL UNREST) - RTR3E9U4
اقرأ في 

ليس من باب المبالغة القول إن القطاع المصرفي في لبنان يشكّل العمود الفقري لاقتصاده. فقد ساهمت الحركة المصرفيّة منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته، في ازدهاره الاقتصادي. حتى في أحلك ظروف الحرب الأهليّة التي مزّقت أوصال البلاد وأعاقت حركته التجاريّة، بقيت الأموال تدفق إلى المصارف اللبنانيّة مستفيدة من السريّة المصرفيّة التي أصبحت عنواناً لاقتصاده الحرّ وميزة تفاضليّة أساسيّة لاقتصاده. ولعب هذا القطاع في مرحلة ما بعد الحرب الدور الأساسي في عملية إعادة الإعمار، مع ما واجهها من تحديات جسام وما شابها من أخطاء وفرص ضائعة. فأخذت المصارف اللبنانيّة على عاتقها وبفعل اتفاق غير معلن بينها وبين الحكومة المتمثلة في حينه برئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، تموّل الخطط الحكوميّة عبر الاكتتاب في سندات الخزينة مرتكزة في ذلك على سياسة نقديّة للمصرف المركزي تقوم على تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانيّة. جنت هذه المصارف أرباحاً ليست بقليلة نتيجة هذه المعادلة لكنها أيضاً راكمت على ميزانياتها نسبةً من المخطار لا سيّما لجهة تراكم محفظة سندات الخزينة، وذلك على حساب التنوّع في توظيفات موجوداتها وهي قاعدة ضروريّة للحوكمة الجيّدة. أما نتيجة هذا الخيار فكانت أسعار فائدة مرتفعة أعاقت تطوّر القطاع الخاص المحرّك الأساسي للنمو والذي طالما كان ميزة لبنان وعلامته الفارقة في الشرق الأوسط. من هذه الزاوية تحديداً، ارتفعت الأصوات المنتقدة لسياسة البنك المركزي متهمة إياه بدعم العملة بشكل اصطناعي ومندّدة بالتفاهم القائم مع المصارف على حساب المواطن والاقتصاد. لم تخلُ هذه الحملة من قدر من التسييس. فقد يكون ثمن هذه السياسة النقديّة مرتفعاً، إذ إنها لم ترفق من قبل الطرف الحكومي بسياسات إصلاحيّة تعالج الخلل الهيكلي الذي يطال الاقتصاد وبتدابير لضبط الهدر والفساد، كذلك كان ممكناً ضبط أسعار الفائدة مع مراعاة أكثر لضرورات النمو. لكن مما لا شك فيه أن خيار تثبيت سعر صرف الليرة كان ضرورياً ولا مفرّ منه. فلولاه لفقد القطاع المصرفي ملاءته الماليّة وقدرته على تمويل الاقتصاد والدين العام. والحق يقال إنه حتى العام 2011، كانت وتيرة نمو الودائع المصرفيّة في تصاعد ومحطّ تقدير الأوساط الماليّة ومؤسسات التصنيف والرقابة العالميّة.

أما اليوم فالتحديات التي تواجهها المصارف اللبنانيّة ليست بقليلة. صحيح أن الودائع في تزايد مستمر وقد بلغت حتى تاريخه 130 مليار دولار أميركي أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي، أو ما يوازي ضعفَي الدين العام. لكن صحيح أيضاً أن وتيرة نموّها في تراجع وذلك منذ عامَين نتيجة الظروف السياسيّة والأمنيّة الراهنة. كذلك تتراجع وتيرة نمو كافة الأصول المصرفيّة البالغ 160 مليار دولار. لا شكّ في أن هذا التراجع يؤثر سلباً على ميزانيات المصارف، تبعاً لقدرتها التمويليّة بخاصة في ظلّ تنامي عجز الخزينة وازدياد ثقل الدين العام. أما التحدي الآخر الذي تواجهه المصارف اللبنانيّة فهو احتدام المنافسة في القطاع على المستوى الإقليمي. فعلى الرغم من تميّزها على مستوى الخدمات المقدّمة وعلاقتها بالزبائن، ما من شيء يشير إلى تفوّقها على مثيلاتها في الخليج أو حتى عن مصارف عربيّة أو إسلاميّة أخرى، وذلك على صعيد الفعاليّة التقنيّة أي مستوى إتقانها للتكنولوجيا وإمساكها بالأدوات المصرفيّة الحديثة. أما البون الشاسع فهو على مستوى "فعاليّة الأحجام" أو الحجم المصرفي الأمثل. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن عدم تركّز القطاع يشكّل عائقاً أمام نموّه وتنافسيته على المستوى الإقليمي. صحيح أن 80% من الأصول المصرفيّة اللبنانيّة هي في قبضة أول عشرة مصارف، لكن صحيح أيضاً أن وجود 71 مصرفاً يشتّت من قدرات القطاع المصرفي اللبناني بشكل عام ويحدّ من طاقته التنافسية. لهذه الأسباب قد تشهد الفترة المقبلة عمليات دمج في ما بين المصارف لا سيّما الصغيرة منها، ولهذا الأمر فوائد عديدة.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.