تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بين الصفقة الشاملة والصفقات الثنائيّة

Seated at the table are French Foreign Minister Laurent Fabius (L), U.S. Secretary of State John Kerry (4th L), Iranian Foreign Minister Mohammad Javad Zarif (C), European Union foreign policy chief Catherine Ashton (4th R), Russian Foreign Minister Sergey Lavrov (3rd R) and British Foreign Secretary William Hague (R) during a meeting of the Foreign Ministers representing the permanent five member countries of the United Nations Security Council plus Germany on the sidelines of the UN General Assembly at th
اقرأ في 

عاش لبنان ومنطقة الشرق الأوسط منذ أسابيع، على وقع طبول الحرب. الكلّ استعدّ لضربة عسكريّة محتملة لسوريا ولتداعياتها المرتقبة، فهندس تموضعه على هذا الأساس. ثمّة من صعّد وتوعّد، وثمّة من هادن وفاوض وثمّة من صمت يترقّب النتائج ليبني على الشيء مقتضاه. وفجأةً.. انقلب المشهد رأساً على عقب. شبح الحرب تلاشى لتحلّ مكانه أجواء حالمة أشاعها الغزل المفاجىء ما بين الولايات المتّحدة وإيران. وعاد الكلّ مجدّداً إلى حساباته. المعطى تغيّر. وقد يتغيّر بعد وتتبدّل معه السياسات، وذلك في وقت ليس ببعيد إذا لم تتحوّل الكلمات الرقيقة والمجاملات التي تبادلها الرئيسان (الأميركي والإيراني) إلى أفعال تبني جسور الثقة وخطوات عمليّة تواكب جهود التسويات السلميّة لا سيّما على مسارَين اثنَين، مسار الملف النووي ومسار الأزمة السوريّة.

لا بدّ من الإشارة أولاً إلى أن أي تقدّم للحلّ التفاوضي وأي تقارب ما بين الفريقَين الإيراني والأميركي، لا بل أي خطوة على مسار التهدئة الإقليميّة أياً يكن من يخطوها، لا بدّ من أن تنعكس إيجاباً على الوضع اللبناني. فالبلد الصغير بفعل اصطفاف طوائفه وتوزّعها على المعسكرات الإقليميّة المتصارعة وبفعل انحلال المقوّمات السياديّة لدولته، إنما يشكّل الحلقة الأضعف في هذا الشرق المشتعل. ولا بدّ من التذكير ثانياً بأن لبنان دفع ثمناً باهظاً بسبب توتّر العلاقة مع إيران وذلك منذ استبعادها عن طاولة المفاوضات في مدريد ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي. منذ ذلك الحين، سلكت إيران منحى راديكالياً وتزعّمت محور الممانعة الذي ضمّت إليه دمشق كركن أساسي لتثبيت بعده العربي الرافض لمبدأ المقايضة والتهويد. وقد بدأ يبرز في تلك الحقبة نجم حزب الله كقوّة عسكريّة منظّمة عاملة على الأراضي اللبنانيّة لا سيّما في الجنوب، آخذة على عاتقها مهمّة المقاومة وتحرير الأرض من الاحتلال الإسرئيلي. فشهد لبنان جرّاء هذا الخيار حربَين، أولاهما حرب عناقيد الغضب في العام 1996 وثانيتهما حرب تموز 2006، مع ما رافقهما من تدمير وتهجير وسقوط آلاف الضحايا. ولم تقتصر تداعيات هذا الاستبعاد الاستراتجي لنظام الملالي على الحروب فقط، إنما ورّث لبنان صراعاً أضيف إلى الصراعات القديمة وفاقها تأثيراً. هو صراع فكّك مقوّمات الدولة السيّدة وأطاح بعقدها الاجتماعي لجملة أسباب ليس أقلّها وجود مشروعَين على تناقض تام وقوّة عسكرية تفوق قدرة جيشه الوطني وتطيح نتيجة ذلك بكلّ التوازنات ومحاولات التسوية من خلال حوار متكافىء.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.