للعلاقات ما بين العراق وسوريا تاريخ مضطرب يحوي الكثير من التناقضات. فالعلاقة بين البلدَين كانت متوتّرة في معظم تاريخهما المعاصر، وفي الوقت نفسه هما بلدان متشابهان ومتقاربان إلى حدّ أن مشاريع تحويهلما إلى كيان واحد لم تنقطع منذ تأسيس الدولة ما بعد-الكولونياليّة في المشرق العربي. وكان أوّل ملك في العراق بعد الانفصال عن الدولة العثمانيّة، هو ذاته أوّل ملك يُنَصّب على سوريا. لكن خضوع كل واحد من البلدَين لانتداب دولة مختلفة (بريطانيا للعراق وفرنسا لسوريا) حال دون أن يحكمهما الملك فيصل في الوقت نفسه. غير أن فشل حزب البعث في توحيدهما، وهو الذي حكم البلدَين في الوقت عينه والذي قامت أيديولوجيّته السياسية على فكرة الوحدة العربيّة، يعكس إلى درجة كبيرة تلك العلاقة الفريدة من التشابه والتنافر الشديدَين في الوقت نفسه. وتأتي دعوة السياسي العراقي أحمد الجلبي مؤخراً إلى تأسيس كيان كونفيدرالي يجمع البلدَين، على الرغم من جنوحها في الخيال، إلّا أنها تمثّل امتداداً لفكر سياسي ظلّ طويلاً يرى في جغرافيا "سايكس-بيكو" التي رسمت حدود البلدَين مشكلة يصعب التعايش معها.
واذا كانت تلك الدعوة تفتقر إلى الجديّة، فالمفارقة الأكبر هي أن تنظيم "الدولة الاسلاميّة في العراق والشام" صار أوّل تنظيم سياسي-عسكري يتعامل مع الدولتَين كوحدة سياسيّة.