لم تستطع الحكومة الدينية في ايران منذ تأسيسها ولحد الآن أن تقيم علاقة مستقرة وطيبة مع الحوزة العلمية الشيعية في مركزيها قم والنجف. فمن جهة حوزة النجف، هناك قلق ايراني يظهر بين حين وآخر على السطح بسبب امتناع حوزة النجف عن تغيير رأيها التقليدي في موضوع ولاية الفقيه الذي يعتبر رأي جديد في الفقه الشيعي، طرحه مؤسس الثورة الايرانية روح الله الخميني لتهيئ قاعدة لحكمه المطلق على البلاد. وفي جانب حوزة قم أيضا ما زالت أغلبية مراجع الحوزة لا يؤمنون بولاية الفقيه، مما جعل النظام الايراني في حالة توجس من الحوزة بشكل مستمر. هذا مضافا الى خلافات أخرى في أساليب ادارة الحكم بين المراجع والحكومة، مما أدت الى سعي النظام الايراني الى فرض إقامة جبرية لعدد من المراجع ومنعهم من التصريح بآرائهم وأفكارهم والاستمرار بأعمالهم التدريسية والدينية.
رغم التشابه المذكور بين الحوزتين في نمط علاقتهما الانتقادية بالنظام الايراني، هناك اختلاف كبير في علاقة النظام الايراني بحوزة النجف. إذ أن وقوعها خارج السلطة الايرانية جعل التعامل معا أكثر تعقيداً بالنسبة الى قم. وعليه يمكن تصنيف مراحل تطور هذه العلاقة الى ثلاث مراحل: مرحلة النفي، مرحلة التعامل ومرحلة الصراع.