على الرغم من التاريخ الطويل لمحاولات علماء الشيعة التأثير في المجال السياسي في مجتمعاتهم، إلا أن الوسط الشيعي لم يعرف ظاهرة قيادات دينيّة تتزعّم ميليشيات عسكريّة قبل عقود قليلة من الزمن. من الممكن اعتبار حركة "فدائيان إسلام" الإيرانيّة أوّل نموذج من هذا القبيل، وكان يقودها رجل دين شاب اسمه نواب صفوي مستهدفة الشخصيات الفكريّة والدينيّة والسياسيّة المعارضة لرؤيتها الدينيّة. ومن أشهر من قتل على أيدي جماعة هذه الحركة هو الباحث التاريخي واللغوي الايراني الشهير "أحمد كسروي". وقد تحوّل نواب صفوي إلى بطل رمزي بعد الثورة الإيرانيّة، الأمر الذي أدّى إلى رغبة لدى عدد كبير من الجماعات الثوريّة الشيعيّة بالاقتداء به، إلى جانب التأثير العام لحركات الإخوان المسلمين الجهاديّة على الأحزاب الشيعيّة الثوريّة.
يعتبر حزب "الدعوة" أوّل نموذج عراقي من الأحزاب الشيعيّة التي تربطها علاقة وصلة ببعض رجال الدين الشيعة. وقد قام الحزب بأعمال عسكريّة ضدّ النظام العراقي السابق، كان يذهب ضحيّتها بعض المدنيّين أحياناً. لاحقاً وفي العام 2003 تحديداً، تأسّس "جيش المهدي" بقيادة مقتدى الصدر ليكون أوّل ميليشيا شيعيّة في العراق يقودها رجل دين بشكل مباشر. لم يكسب "الجيش" أي نوع من الدعم والقبول من قبل الجهات الرسميّة في الحوزة العلميّة، بل وُجّهت انتقادات إليه من قبل المرجعيّة الشيعيّة في النجف بحسب ما هو مذكور في كتاب "الرحلة العلاجيّة للسيّد السيستاني وأزمة النجف" الذي وضعه الناطق الرسمي باسم السيستاني، حامد الخفاف. وقد نقل السيّد محمد بحر العلوم من رجال الدين البارزين في حوزة النجف، في خلال حوار مع الكاتب بأن السيستاني حذّره من القيام بأي نوع من الدعم لميليشيات شيعيّة معتبراً إياها مخالفة للدين والقانون.