في اللغة العامية اللبنانية، ثمة مثل شائع يقول: المرة الثالثة ثابتة. مثل يبدو أنه قد تحقق فعلاً مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي. فهو كان قد هول بالاستقالة مرة أولى مطلع العام 2012، وذلك عند استحقاق دفع الحكومة اللبنانية لحصتها من تمويل المحكمة ادولية الخاصة. وهي التي أسسها مجلس الأمن الدولي للنظر في جريمة اغتيال رفيق الحريري سنة 2005، وفرض على لبنان دفع نصف تكاليف عملها. لكن في اللحظة الأخيرة وجد يومها ميقاتي طريقاً ملتوياً للالتفاف على أكثرية حكومته المعارضة للدفع، وسدد حصة لبنان للمحكمة خلافاً للأصول المالية الحكومية. بعد نحو عشرة أشهر عاد ميقاتي ليهول مرة ثانية بالاستقالة. كان ذلك عقب اغتيال مسؤول الاستخبارات في قوى الأمن الداخلي اللبنانية، العميد وسام الحسن، بانفجار في بيروت في 19 تشرين الأول الماضي. غير أن مسارعة سفراء الدول الخمس الكبرى في العاصمة اللبنانية إلى الاتصال بميقاتي، ومن ثم إلى إصدار بيان رسمي يعلن رفض حكوماتهم لأي فراغ حكومي في لبنان، جعلت ميقاتي يعدل عن الفكرة.
مساء يوم الجمعة الماضي كانت المرة الثالثة لميقاتي، وكانت وفق المثل اللبناني، ثابتة. فبعد ظهر ذلك اليوم عقدت حكومته جلسة عادية لها. فجأة طرح ميقاتي خلالها بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، ومن خارج جدول أعمال الجلسة، التمديد للواء أشرف ريفي، مدير عام قوى الأمن الداخلي. ذلك أن ريفي يبلغ السن القانونية للتقاعد بعد أيام، في نهاية آذار الجاري. طُرح الموضوع على الاقتراع داخل مجلس الوزراء، كما ينص الدستور اللبناني. فلم ينل الأكثرية اللازمة لإقراره. عندها طلب ميقاتي من رئيس الجمهورية رفع الجلسة، وغادرها فوراً إلى مكتبه في السراي الحكومي، ليعلن من هناك استقالة حكومته.