الشيخ السلفي اللبناني احمد الاسير ، قرر فجاة الاسبوع الماضي الصعود الى منطقة فاريا لممارسة رياضة التزلج . ويعتبر هذا القرار ، اكثر من مستغرب، نظرا لان شيوخ السلفية شديدو التحفظ في حياتهم الخاصة، ينظرون للكثير من للاهتمامات السائدة بين الناس ، على انها صنف من " البدع " ( المقصود عادات او افكار تتناقض مع الحفاظ على الدين ) التي يجب تجنبها او انه من الافضل تجنبها . ويمكن القول بثقة انه قبل الاسير لا يوجد في كل تاريخ الاسلام ، شيخ سلفي او دعوي قصد قمم الثلج لممارسة رياضة التزلج .واكثر من ذلك ، فان المشغوفين بفرص اصطياد الرهانات المضمونة ، يمكنهم الإفادة من عروض الرهان على قضايا اخرى يتفرد بها الاسير من بين كل شيوخ السلفية . فمثلا، خلال العام الماضي قاد الاسير من معقله في احد احياء مدينة صيدا في جنوب لينان ، العشرات من مناصريه الى وسط البلد في بيروت ، ليقيم معهم احتفالا سياسيا ليذكر بمطالبه التي على راسها تسليم حزب الله سلاحه للدولة اللبنانية. وخلال هذا الاحتفال، وقف الى شماله على المنصة الرئيسية، الشيخ السلفي عمر بكر فستق الموصوف بتشدده الاسلامي، فهو كنموذج عن مواقفه، يرفض الاقتراع في الانتخابات النيابية، لانه يعتبر ان الله وحده هو الذي يحق له التشريع . اما الى يمينه ، فوقف المطرب المشهور في العلب الليلية في بيروت ، فضل شاكر . كان المشهد يشبه تجسيدا لرؤية مخرج سينمائي مهتم بإلجمع بين تناقضات لا يربط بينها الا خيال جامح .
لكن المشهد عينه، ينطوي - اغلب الظن - على خلفيات نفسية علقت بالشيخ الاسير ذاته . فوالده محمد هلال الاسير " قبل ان يتوب الى الله"، كان عازفا على العود ، ومداوما على سهرات الطرب والغناء . ربما الاسير اراد محاكاة قصة والده الذي انتقل من الغناء الى الايمان المتشدد ، من خلال جعل المغني شاكر يصبح قصة داخل مجمل حكايته المثيرة بحسب نظرة اللبنانيين اليها . فهو يولف مشهدا لحركته ، يجمع فيها الفن الذي يرذله السلفيون ، وبين الدعوى السلفية التي تدعو اتباعها لأن يتبعوا في سلوكياتهم ذات النموذج الذي كان يسر عليه اصحاب الرسول محمد قبل نحن الف وأربعمائة عاما . وبحسب طبيب علم نفس في مشفى الجامعة الاميركية في بيروت، فان كل الفكرة النفسية التي يريد الاسير إيصالها لنفسه، قبل الاخرين،هي انه يمكن للفنان ان يكون شيخا سلفيا في الوقت عينه او بعد توبته . يضيف انها "عقدة اوديب " مقلوبة، حيث الابن هنا ( وهو الاسير ) يحاول ايجاد التبرير لوالده وليس قتله .