تحت منارة الموصل المدمّرة، المعروفة باسم "الحدباء"، تقع أنقاض جامع النوري الكبير. بُني الجامع التاريخيّ قبل ثمانية قرون بمبادرة من الزعيم المسلم نور الدين زنكي الذي مهّد الطريق لصلاح الدين، مؤسّس الدولة الأيوبيّة، لمواجهة الصليبيّين والسيطرة على القدس بعد معركة حطين الحاسمة سنة 1187 – من خلال تغليب المذهب السنيّ على المذهب الشيعيّ.
في تلك الفترة، كانت أراضي المسلمين واقعة في أيدي الصليبيّين، وقياداتها ضعيفة ومنقسمة بين الخلافة العباثيّة في بغداد والخلافة الفاطميّة في القاهرة، بالإضافة إلى إمارات إسلاميّة صغيرة أخرى من الفرس إلى الموصل حتّى حلب. وقد بلغ الشرخ الشيعيّ السنيّ ذروته في تلك الفترة، واضطلع زنكي بدور مهمّ في إعادة القوّة إلى السنّة بهزيمة الإمارة الحمدانيّة الشيعيّة التي حكمت من الموصل إلى حلب في ما يُعرف اليوم بالعراق وسوريا.