كربلاء، العراق - روى حسين الخزرجي (85 سنة) لـ"المونيتور" كيف كان يقطع المسافة بين مدينته النّجف (160 كلم جنوبيّ بغداد) وكربلاء (108 كلم جنوب غربيّ بغداد) مشياً على الأقدام في خمسينيّات القرن الماضي لزيارة المراقد المقدّسة، مؤدّياً طقساً دينيّاً هو الحج يمارسه المسلمون الشيعة، بزيارة قبر الحسين بن عليّ في كربلاء. هذه المسافة تبلغ نحو 47 كيلومتراً، وكان الزوّار يقطعونها على مرحلتين، ففي منتصف الطريق بين المدينتين، كانوا يلجأون إلى محطّة استراحة تدعى "خان النصّ"، وهي بناء ضخم يعود تاريخه إلى عام 1774، حيث يقضون ليلتهم فيه. وما زال حسين الخزرجي يتذكّر جيّداً هذا المبنى الغابر، الّذي ظلّ قائماً أيّام شبابه، وهو يؤدّي وظيفته القديمة نفسها كفندق، إذ قال: "كانت الخيول والدواب الأخرى تدخل في الليل إلى الساحة الداخليّة الواسعة للخان، فيما يبيت الناس ليلتهم في العشرات من الغرف المبنيّة في الطابق العلويّ"، بوصف الخزرجي.
هذا المبنى لم يعد الآن سوى خراب، وعندما زاره "المونيتور" وجد هيكلاً بني من الطابوق الأصفر متهّدم الأركان، تحيط به الأعشاب والنباتات الطبيعيّة. وكلّما رحنا نقترب منه نجد آثار بقاياه المهدّمة الّتي مازال في الإمكان تمييز حالها السابقة، فثمّة قبّة مهدّمة وبقايا زخارف إسلاميّة أساءت إليها الرياح والأمطار والإهمال البشريّ.