مدينة غزّة، قطاع غزة — ينتظر الأطفال "المسحّراتي" على شرفات منازلهم، ومن المفترض أن يذكّرهم هذا الرّجل الّذي يستخدم الطبل لإيقاظ أهالي الحيّ بوجبة السّحور الّتي يتمّ تناولها عند الفجر، ليبدأ بعدها الصوم حتّى غياب الشمس، ممّا يعني 16 ساعة من الصيام عن الطعام والشراب في قطاع غزّة. وغالباً ما ينتظره الكبار قبل الصغار على الشرفات، فلا نوم في اللّيل خلال شهر رمضان، وتبدأ التّعليقات تنهال على مسحّراتي المنطقة وتعلو الضحكات لمجرّد مروره من أمام أبنيتهم، وهناك من ينزل لإعطائه هديّة أو حلوى، إلاّ أنّ الأمور ليست دائماً كما تبدو، فمن يعطي البهجة للآخرين لا يكون بالضرورة سعيداً، وهذا بالضبط حال لؤي جبر (23 عاماً)، الّذي ينشد بصوت عذب أناشيد دينيّة، وهو يمشي في منطقة حيّ الرّمال ليوقظ سكّانه.
ينتظر لؤي طوال العام ليعمل خلال هذا الشهر، فمنذ سنوات طويلة لم يجد وظيفة مضمونة سوى في شهر رمضان. وفي هذا السّياق، قال لمراسلة "المونيتور"، الّتي انتظرته تحت منزلها حين مرّ فجراً: "طوال العام ننتظر هذا الشهر. وغير ذلك، نعمل هنا أو هناك في أيّ عمل يعرض علينا، وغالبيّة هذه الأعمال في مجال البناء، ولكن عدم دخول الإسنمت يجعل الأمر مستحيلاً في هذه الأوقات".