قبل أيّام كتبت طالبة لبنانيّة في إحدى كلياّت الحقوق في إحدى جامعات بيروت، هذه العبارة على صفحتها الخاصّة على موقع فايسبوك، وجاء فيها: "أعتقد أنّ كلمة انتخاب باتت عندنا من الكلمات التي لم نعد نجدها إلاّ في القاموس، أو هي مجرّد مفردة من لغة قديمة لم تعد محكيّة اليوم. وفي أحسن الأحوال، قد نجدها في دروسنا حول القانون الدستوريّ، لكنّها ممارسة غريبة عن لبنان!". وكانت الطالبة المقصودة تشير بذلك إلى ظاهرة باتت معمّمة في لبنان هذه الأيّام، فموقع رئاسة الجمهوريّة شاغر منذ 25 أيّار الماضي من دون أن يتمكّن البرلمان اللبنانيّ من انتخاب رئيس جديد. أمّا البرلمان نفسه، فعمد الأربعاء الماضي إلى إصدار قانون مدّد بموجبه ولايته 31 شهراً، تنتهي في 20 حزيران 2017. بعدما كان قبل عام ونيف قد مدّد أيضاً ولايته المنتهية في حزيران 2013، مدّة 17 شهراً سابقة، ملغياً بذلك الانتخابات النيابيّة التي كان يفترض أن تجرى في ربيع العام الماضي، وضامناً لأعضائه من النوّاب المنتخبين سنة 2009، ولاية كاملة من أربع سنوات، بحكم التّمديد لا الانتخاب. وعلى غرار الاستحقاقين الرئاسيّ والنيابيّ، عمدت إدارات بعض الجامعات اللبنانيّة إلى إصدار قرارات ألغت بموجبها انتخاباتها الطلاّبية، في حجّة أنّ الظروف الأمنيّة والخلافات السياسيّة بين الطلاّب لا تسمح لهؤلاء باختيار ممثّليهم للمجالس الطلاّبية الجامعيّة!
مشهد من تعطيل الحياة السياسيّة والديموقراطيّة في لبنان، يحمل الكثير من المفارقات، أوّلاً كون البلدان المحيطة بلبنان، ورغم ظروف أمنيّة وأوضاع غير مستقرّة أسوأ بكثير من الوضع اللبنانيّ، شهدت سلسلة من العمليّات الانتخابيّة اللاّفتة. وفي معزل عن نزاهتها أو سلامة إجرائها أو حتّى مدى التّسليم الداخليّ أو الدوليّ بنتائجها، فسوريا التي تشهد حرباً عنيفة منذ ثلاثة أعوام ونيف، عرفت انتخابين نيابيّ ورئاسيّ. والعراق أجرى انتخاباته، حتّى ليبيا الغارقة في الفوضى شبه الكاملة، دعت مواطنيها إلى انتخابات غير مسبوقة في تاريخها منذ أكثر من اربعة عقود.