بيروت - توالت الانشقاقات في صفوف الجيش اللبنانيّ في الفترة الأخيرة بشكل ملفت للانتباه، وكان آخرها إعلان الجنديّ خالد شماطية أمس في 20 أكتوبر 2014 "تبرّؤه إلى الله من هذا الجيش الطاغوتيّ"، بحسب ما قاله في شريط مصوّر بثّه موقع "المنارة البيضاء" التّابع لجبهة النصرة بعد انضمامه إليها. ولم يخلو البيان من اللعب على الوتر الطائفيّ واستغلال حال الكبت والشعور بالمظلوميّة التي تنامت في الفترة الأخيرة لدى الشريحة السنيّة اللبنانيّة من جراء رفضها لسياسات "حزب الله"، لا سيّما انخراطه بجانب قوّات الأسد ضدّ تطلّعات الأكثريّة السنيّة في سوريا. ودعا الجنديّ المنشقّ "الشباب السنيّ إلى التوبة والانشقاق عن هذا الجيش العميل لحزب الله". وندّد بما يتعرّض له اللاّجئون السوريّون من "إجرام وتعذيب وتنكيل". كما دعا إلى "التّكاتف في وجه مشروع ولاية الفقيه الذي يهدف إلى قتل أهل السنّة من لبنان وتهجيرهم وتشريدهم".
وسارعت معظم القوى السياسيّة اللبنانيّة على اختلاف توجّهاتها من حزب الله إلى تيّار المستقبل إلى التبرؤ من هذا الكلام والتّقليل من شأن مسلسل الانشقاقات، فأجمعت على إعلان تأييدها للجيش اللبنانيّ والوقوف بجانبه في المعركة التي يخوضها ضدّ الإرهاب، لكن هذا الإجماع لم يتعدّ الإجماع الصوريّ، وهو أشبه بتكرار نمطيّ لمواقف مبدئيّة من الدولة ومؤسّساتها الشرعيّة، ولم يتحوّل إلى توافق على مسائل أساسيّة ما زالت عالقة، وليس آخرها السياسة الخارجيّة للبنان على سبيل المثال لا الحصر وموقفه من التّحالف الدوليّ الذي يخوض على بضع كيلومترات من حدوده في كوباني والرقة، معركة ضارية ضدّ العدو نفسه المتمثّل اليوم بالمجموعات الجهاديّة. وإنّ الالتفاف حول المؤسّسة العسكريّة لم يترجم بعد، توافقاً حول سبل تحصين الأمن وآليّاته.