لا يمكن القول إنّ تنكّر الوسط السياسيّ العراقيّ، لمبدأ اللامركزيّة، كفلسفة يقوم عليها الدستور العراقيّ، قاد إلى كلّ الانهيارات السياسيّة والأمنيّة التي يعيشها العراق اليوم، لكن بالتأكيد، ساهمت تجربة الحكومة السابقة التي قامت على إعادة قراءة الدستور في شكل يدعم "مركزيّة الدولة"، بقوة في هذا الانهيار، وعلى الحكومة الجديدة مهمّة عسيرة لإعادة تعريف الدولة وفق ثوابت الدستور العراقيّ.
تجد حكومة حيدر العبادي نفسها أمام وضع شديد الالتباس في توصيف الدولة، ورثته من الحكومة السابقة. وتدعم هذا الوضع طبقة إداريّة وسياسيّة تسلّقت إلى مفاصل أساسيّة في صناعة القرار، وما زالت تعتقد أنّ العراق لا يمكن أن يدار إلاّ بواسطة حكم مركزيّ قويّ، يمثّل شكل الحكم القائم حاليّاً في معظم بلدان الشرق الأوسط.