لا شكّ في أّنّ عودة الرّئيس سعد الحريري إلى لبنان بعد غياب قصريّ شكّلت مفاجأة على المستويين اللبنانيّ والعربيّ. ولا شكّ أيضاً في أنّها حُمِّلت كثيراً من المعاني والأبعاد والتمنيات. من جهة، تمّت الزيارة بالتّرافق مع بوادر تقارب سعوديّ - إيرانيّ يمكن إذا ما استمرّ واستمدّ زخماً أن يؤدّي إلى إنحسار منسوب التوتر في ساحات عدّة من سوريا إلى اليمن فالعراق. ومن جهة أخرى، إنّ انسداد الأفق السياسيّ وتفاقم الأزمتين الإقتصاديّة والإجتماعيّة في لبنان، وما خلّفا من إحباط في النفوس، حمل البعض إلى تعليق الآمال على هذه العودة وتحميلها معاني عدّة. فمنهم من رأى أنّها ستشكّل دافعاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما مضى على شغور هذا المنصب أربعة أشهر، ومنهم من رأى أنّها ستعطي دفعاً للحركة الإقتصاديّة التي تعاني ركوداً مستداماً، ولطالما ارتبط اسم الحريري بالإعمار وكان له وقع إيجابيّ في أوساط الأعمال.
وعلى هذه القاعدة، تشكّل هذه التكهّنات تعبيراً عن تطلّعات، لا بل حاجات اللبنانيّين، ولكنّها ما زالت تمنيات، طالما لم تستند بعد إلى وقائع سياسيّة ثابتة، فالتّقارب السعوديّ-الإيرانيّ ما زال في بداياته، وقد لا يتعدّى إطار التّلاقي الظرفيّ للمصالح حول نقطة واحدة، ألا وهي مواجهة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" وما يمثّله من خطر على الفريقين.