تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

عشيّة الحرب على تنظيم "الدولة الإسلاميّة" هل يستمع أوباما إلى نصيحة الأسقف؟

RTR4456Q.jpg
اقرأ في 

يعيش لبنان، على المستويين الحكوميّ والسياسيّ، حال تجاذب وتردّد حيال مشروع الحرب الأميركيّة والغربيّة ضدّ تنظيم "الدولة الإسلاميّة"، وهو ما انعكس تبايناً في المواقف بين بعض القوى داخل الحكومة اللبنانيّة نفسها. تباين ظهر إلى العلن حتّى في سلوك السلطات الحكومية اللبنانيّة، بين مؤتمري جدّة وباريس الأخيرين في 11 و15 أيلول/سيتمبر، اللذين عقدا تحت راية الحرب على تنظيم "الدولة الإسلاميّة". علماً أنّ القراءة العامّة للمخاوف اللبنانيّة حيال مشروع الحرب المذكورة، مفهومة. فمن جهة أولى يتخوّف قسم كبير من اللبنانيّين، من مختلف القوى السياسيّة والطائفيّة على حدّ سواء، من الطريقة التي ستخاض فيها الحرب الغربيّة ضدّ تنظيم "الدولة الإسلاميّة"، خصوصاً إذا ما اقتصرت تلك الحرب فعليّاً على طرد مسلّحي تلك المنظّمة الإرهابيّة من شمال غرب العراق، من دون التمكّن من القضاء عليها كليّاً أو الحدّ جذريّاً من قدرتها على التحرّك في مناطق أخرى، ممّا قد يعني عمليّاً دفع أعداد كبيرة من المسلّحين التكفيريّين والإرهابيّين من العراق في اتّجاه سوريا، وبالتّالي من سوريا في اتّجاه لبنان، ذلك أنّه رغم كلّ الإجراءات الميدانيّة المتّخذة من قبل الجيش السوريّ داخل الأراضي السوريّة، أو من قبل مقاتلي "حزب الله" على الحدود اللبنانيّة - السوريّة، أو حتّى من قبل الجيش اللبنانيّ عند الحدود مباشرة، تؤكّد معلومات مصادر عسكريّة لموقعنا، أنّ إرهابيي تنظيم "الدولة الإسلاميّة" ما زالوا يملكون خطوط تسلّل وتواصل بين الحدود العراقيّة السوريّة وبين لبنان والقدرة على تأمين انتقال الأشخاص والسلاح والذخائر، تحديداً من عاصمة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" في مدينة الرقّة السوريّة، إلى "عاصمتها اللبنانيّة" في عرسال عند الزاوية الشماليّة الشرقيّة للبنان. وهذا ما ظهر واضحاً في المعارك التي اندلعت بين مسلّحي تنظيم "الدولة الإسلاميّة" و"جبهة النّصرة" من جهة، ووحدات الجيش اللبنانيّ من جهة أخرى، في تلك المنطقة بالذات في 2 آب الماضي. علماً أنّ تلك المواجهات ما زالت مستمرّة المفاعيل، وتداعياتها ما زالت قائمة ومفتوحة، خصوصاً مع استمرار أسر الإرهابيّين الإسلاميّين السنّة من التنظيمين المقصودين، جنوداً لبنانيين وتهديدهم بقتلهم، علماً أنّهم كانوا قد عمدوا إلى قتل اثنين منهم بوحشيّتهم المعروفة، عبر الذبح المصوّر. وهكذا يتخوّف اللبنانيّون في غالبيّتهم من أن تؤدّي أيّ ضربة جويّة أميركيّة غربيّة مجتزأة ضدّ تنظيم "الدولة الإسلاميّة"، إلى تفاقم أزمتها في لبنان وازدياد عدد إرهابيّيها فيه، وبالتّالي تفجير الوضع اللبنانيّ برمّته.

ومن جهة أخرى، يتخوّف اللبنانيّون من احتمال آخر لتلك الحرب، ألا وهو أن تتدحرج الخطّة الغربيّة من ضرب تنظيم "الدولة الإسلاميّة" ومثيلاتها الإرهابيّة، إلى ضرب الجيش السوريّ ومحاولة إسقاط السلطات السوريّة بالقوّة العسكريّة الخارجيّة، وذلك تحت شعار تسليم سوريا لما يسمّيه البعض في الغرب "المعارضة السوريّة المعتدلة" على طريقة السيناريو الليبيّ قبل ثلاثة أعوام. في 19 آذار 2011 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 1973 الذي قضى بفرض حظر جوي على ليبيا. بعده بدأ حلف شمال الأطلسي شن غارات على قوات القذافي تحت غطاء قرار مجلس الأمن، ما أدى إلى إسقاطه في 23 آب 2011. بعدها دخلت ليبيا في حالة من الفوضى لا تزال مستمرة. علماً أنّ الرأي الغالب في لبنان يدرك عدم وجود مثل تلك المعارضة على الأرض، بدليل أنّ لبنان منذ ثلاثة أعوام على الأقل مفتوح لكلّ أنواع المعارضات السوريّة، وصولاً حتّى إلى ظهور إرهابيّي تلك المعارضات علناً في مناطق لبنانيّة مختلفة، كدليل على هامش الحركة المتاح لهم غصباً عن إرادة السلطات اللبنانيّة. وفي المقابل، لم يظهر في أيّ منطقة لبنانيّة أيّ مسلح، أو أيّ تجمّع للنازحين السوريّين الذين يبلغ عددهم أكثر من مليون سوريّ، ولا أيّ مسؤول سياسيّ سوريّ، يدّعي أنّه يمثّل "المعارضة السوريّة المعتدلة" في لبنان. الواضح أن لبنان أكثر ساحة مفتوحة لحركة جميع المعارضات السورية. أولاً بسبب وضعه السياسي غير المستقر، وبسبب تفلت الحدود بين لبنان وسوريا، كما بسبب وجود أكثر من مليون نازح سوري على أرضه، يفترض أن يمثلوا كل أطياف الاتجاهات السورية. ورغم ذلك يلاحظ أن كل المعارضات العنفية السورية وجدت في لبنان من يمثلها، حتى "داعش" السورية، لكن لم يظهر في لبنان من يقول أنه يمثل معارضة سورية معتدلة.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.