لم يشكل التقرير حول اإستثمار العالمي الصادر في حزيران 2014عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية مفاجأة لأحد في منطقة الشرق الأوسط. معظم البلدان فيها لم تستعد وتيرة نمو إستثماراتها الخارجية المباشرة بشكل مستدام وذلك بسبب التشنجات السياسية وما يرافقها من ضبابية تطغى على مناخات الإستثمار وتكبح جماح المستثمرين. ومن عوامل التراجع رغم الإتجاه التصاعدي عالمياً غياب سياسات التكامل الإقتصادي وإتساع الفوارق بين الإقتصادات . فالإستثمارات الخارجية المباشرة في منطقة غرب آسيا إنخفضت بنسبة 9% لعام 2013 رغم إرتفاعها في بعض البلدان مثل العراق والإمارات العربية المتحدة حيث سجلت نسبة 20% و9%. ولا عجب في ذلك فالإمارات ما زالت على وتيرة إنعاش ما بعد أزمة 2009 أما العراق ختى بدايات العام ، أي ما قبل الأحداث الأخيرة، إستقطب كماً من الإستثمارات لا سيما في قطاعه النفطي خاصة وأن كافة المؤشرات من نوقعات للنمو إلى الإنتاج النفطي أتت لتعزز ثقة المستثمرين.
وكن المفاجأة غير السارة كانت حدة تراجع الإستثمارات الخارجية المباشرة بالنسبة إلى لبنان حيث بلغت معدل -23%. فلبنان كان بين سائر بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وللفترة الممتدة من 2006 إلى 2012 في طلبعة المستقطبين للإستثمارات الخارجية وذلك لجملة أسباب أهمها نظامه الإقتصادي الحر، مناخه الضريبي، ومتانة وجودة نظامه المصرفي. أضف أنه في الفترة الأخيرة وبالرغم من إستياء أوضاعه السياسية بقي جاذباً للإستثمارات. سنة 2012 مثلاً شهدت إرتفاعاً في وتيرة الإستثمارات بنسبة 8.5% . فبالرغم من الأزمة السياسية التي أعاقت نموه الإقتصادي إستفاد البلد الصغير من عاملين إضافيين جاذبين للإستثمار. ألأول أنه كان ولفترة ما قبل تفاقم الأزمة السورية بمنأى عن ثورات الربيع العربي فإستفاد من كومه الملاذ الآمن نسياً للإستثمارات العربية، أما العامل تحرك بعض الشركات العالمية المنتجة للنفط بإتجاهه بعدما تأكد وجوة ثروة من النفط والغاز في عمق محيطه. أكثر من 30 شركة، بما في ذلك أكسون موبيل وروزنفت ومبادلة أعربت عن اهتمامها ببدء عمليات تنقيب في مطلع السنة المقبلة.
